ولما قتل المختار تتبع مصعب أصحابه بالكوفة، فقتل من الناهظين معه سبعة آلاف رجل كلهم خرجوا للطلب بدم الحسين (عليه السلام)، ثم بعث على حرم المختار ودعاهن إلى البراءة منه، ففعلن إلا امرأتان له، إحداهما: أم ثابت بنت سمرة بن جندب الفزاري، وثانيتهما: عمرة ابنة النعمان بن بشير الأنصاري.
قالتا: كيف نتبرأ من رجل يقول: ربي الله، وكان صائما نهاره قائما ليله، قد بذل دمه لله ولرسوله (صلى الله عليه وآله) في طلب قتلة ابن بنت رسول الله وأهله وشيعته، فأمكنه الله منهم حتى شفى النفوس.
فكتب مصعب إلى أخيه عبد الله بخبرهما، فكتب إليه: إن رجعتا عما هما عليه وتبرأتا منه وإلا فاقتلهما.
فعرضهما مصعب على السيف فرجعت ابنة سمرة بن جندب ولعنته، وتبرأت منه وقالت: لو دعوتني إلى الكفر مع السيف لأقررت، أشهد أن المختار كافر.
وأبت ابنة النعمان بن بشير وقالت: شهادة أرزقها ثم أتركها، كلا إنها موتة ثم الجنة والقدوم على الرسول وأهل بيته (عليهم السلام)، والله لا يكون أتي مع ابن هند فأتبعه وأترك ابن أبي طالب، اللهم اشهد أني متبعة نبيك وابن بنته وأهل بيته وشيعته.
فأمر بها مصعب فأخرجت إلى ما بين الحيرة والكوفة وقتلت صبرا، وفي قتلها يقول عمر بن أبي ربيعة القرشي:
إن من أعجب العجائب عندي * قتل بيضاء حرة عطبول قتلت هكذا على غير جرم * إن لله درها من قتيل كتب القتل والقتال علينا * وعلى المحصنات جر الذيول (1).
13 - حادثة شبيب الخارجي (2):
كان أبو الضحاك شبيب بن يزيد بن نعيم بن قيس الشيباني، من أبطال العالم وأحد كبار الثائرين على بني أمية، كان داهية طماحا إلى السيادة، وإليه تنسب الفرقة