الحسين (عليه السلام) هم أشراف الكوفة وفرسان العرب، وهم المطالبون بدمه، ومتى علموا ما تريدون كانوا أشد الناس عليكم، ونظرت فيمن تبعني منكم فعلمت أنهم لو خرجوا لم يدركوا ثأرهم، ولم يشفوا نفوسهم، وكانوا جزرا لعدوهم، ولكن بثوا دعاتكم وادعوا إلى أمركم.
بث أولئك دعاتهم في البلدان، واستجاب لهم ناس كثير بعد هلاك يزيد، وأن أهل الكوفة أخرجوا عمرو بن حريث وبايعوا لابن الزبير، وسليمان وأصحابه ما زالوا يدعون الناس إلى ذلك.
لم تمض على هلاك يزيد الفجور إلا ستة أشهر، حتى قدم المختار بن أبي عبيد الثقفي (رضي الله عنه) الكوفة في النصف من رمضان، وقدم عبد الله بن يزيد الأنصاري أميرا على الكوفة من قبل ابن الزبير لثمان بقين من رمضان، وقدم إبراهيم بن محمد بن طلحة معه على خراج الكوفة، فأخذ المختار يدعوا الناس إلى قتال قتلة الحسين (عليه السلام) ويقول: جئتكم من عند محمد بن الحنفية وزيرا أمينا، فرجع إليه طائفة من الشيعة، وكان يقول: إنما يريد سليمان أن يخرج فيقتل نفسه ومن معه وليس له بصرة في الحرب.
وبلغ الخبر عبد الله بن يزيد بالخروج عليه بالكوفة في هذه الأيام.
وقيل له: ليحبسه وخوف عاقبة أمره إن تركه.
فقال عبد الله: إن هم قاتلونا قاتلناهم، وإن تركونا لم نطلبهم، إن هؤلاء القوم يطلبون بدم الحسين بن علي (عليه السلام)، فرحم الله هؤلاء القوم آمنون، فليخرجوا ظاهرين وليسيروا إلى من قاتل الحسين (عليه السلام)، فقد أقبل إليهم - يعني ابن زياد - وأنا لهم ظهير، هذا ابن زياد قاتل الحسين (عليه السلام) وقاتل أخياركم وأمثالكم قد توجه إليكم، وقد فارقوه على ليلة من جسر منبج، فالقتال والاستعداد إليه أولى من أن تجعلوا بأسكم بينكم فيقتل بعضكم بعضا، فيلقاكم عدوكم وقد ضعفتم، وتلك أمنيته، وقد قدم عليكم أعدى خلق الله لكم من ولي عليكم هو وأبوه سبع سنين لا يقلعان عن قتل أهل العفاف والدين، هو الذي من قبله أتيتم، والذي قتل من تنادون بدمه قد جاءكم فاستقبلوه بحدكم وشوكتكم واجعلوها به ولا تجعلوها بأنفسكم، إني لكم ناصح.
وكان مروان قد سير ابن زياد إلى الجزيرة، ثم إذا فرغ منها سار إلى العراق.
فلما فرغ عبد الله بن يزيد من قوله، قال إبراهيم بن محمد بن طلحة: أيها الناس