الصحابة الذين نزلوا الكوفة بما أن الكوفة عادت بعد ردح من تمصرها من أكبر العواصم الإسلامية، يوم احتلها سيد المسلمين وأمير المؤمنين (عليه السلام) (1) - أول خليفة هاشمي انعقدت له الخلافة الكبرى بين لابتي العالم، وخفقت بنوده على المسلمين وبلادهم جمعاء - أزدلفت إليها زرافات من خيار الصحابة ورجالات التابعين ورواد العلم وحفاظ الحديث، فمن والج مدينة العلم من بابه المفتوح على هذه الحاضرة الدينية بكلا مصراعيه، ومن كارع من بحر فضله المديد الوافر متهذب بخلقه العذب النمير ومعتبر بعظاته البالغة، وآخذ منه معالم دينه وراو عنه صدق الحديث، ومحض الحقيقة، ومن عامل له في شؤون مملكته الإدارية والعسكرية.
فمن كل ذلك كان في الكوفة من كل هؤلاء فريق لا يستهان بعدتهم، وإليك فيما يلي مختصرا من تراجم الصحابة، معتمدين في ذكرها على أوثق المصادر، وجل اعتمادنا على طبقات ابن سعد:
1 - الإمام أمير المؤمنين، علي بن أبي طالب (عليه السلام) بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، أبو الحسن، نزل الكوفة في الرحبة (2) التي يقال لها: رحبة علي في إخصاص كانت فيها، ولم ينزل القصر الذي كانت تنزله الولاة قبله، ولد بمكة في بيت الله الحرام يوم الجمعة 13 رجب سنة 30 من عام الفيل، ولم يولد قبله ولا بعده مولود في بيت الله الحرام سواه، أمه فاطمة بنت أسد بن هاشم، ضربه اللعين عبد الرحمن بن ملجم، سحر ليلة التاسع عشر من شهر رمضان، وتوفي ليلة 21 منه سنة 40 من الهجرة، وله يومئذ ثلاث وستون سنة، ودفن بالنجف في موضع قبره الآن (3).
2 - سعد بن أبي وقاص، أبو إسحق، شهد بدرا، وهو الذي افتتح القادسية، ونزل الكوفة وخطها خططا لقبائل العرب، وابتنى بها دارا، ووليها لعمر بن الخطاب