السدير في الحيرة أو كري سعد في الكوفة (1) لقد اشتهر في تاريخ الحيرة والكوفة نهران لا زالا يترددان على لسان العام والخاص وهما: نهر السدير الذي عرف باسم النعمان بين بقايا آثار الحيرة، وكري سعد بين آثار الكوفة، أما آثار نهر السدير فهي ظاهرة بالقرب من خورنق النعمان المطل على طف الحيرة جنوبا، ويقع غربي الخورنق المذكور بمسافة قدرها 300 متر تقريبا ومصبه طف الحيرة، وأما الآثار التي تنسب لكري سعد فهي تخترق آثار مباني الكوفة الحادثة على عهد الإسلام، والذي ظهر لنا مما كنا نسمع ونرى بأنهما نهران متباينان يستقل أحدهما عن الآخر، إلا أن تتبعاتنا المتوالية قد أثبتت لنا أنهما شيء واحد، وأن هذين النهرين هما نهر واحد يعرف في الحيرة المندرسة باسم السدير للنعمان، وفي كوفة الجند الإسلامية باسم كري سعد.
لقد تتبعنا هذا الأثر مبتدئين من نهر السدير المار الذكر سائرين على ضفته، فلم يختلف خط طريقنا، بل أخذنا نشق آثار نهر السدير أولا بالقرب من بقايا الحيرة القديمة في مسافة لا تزيد على ال 6 كيلو مترات، حتى وصلنا بدء آثار الكوفة وإذا بنا نشق آثار كري سعد الذي يخترق مدينة الكوفة، ولم نشاهد أي اختلاف أثناء الفحص الذي قمنا به بين آثاره البارزة، فكان هذا النهر نهرا واحدا يبتدئ من مصبه بعد أن يخترق آثار الحيرة والكوفة ويمتد على ظهر كوفان بخط مستقيم حتى يصل أكناف طف كربلاء بمسافة قدرها 95 كيلو مترا تقريبا، وكانت العلائم والإمارات تدل على أن هذا النهر له اتصال بأراضي الدليم غربي كربلاء، ويرافق أكناف أراضي الطفوف الغربية من الجهات الشمالية حتى طف كربلاء وطف الغري (بحر النجف) وطف الحيرة، وأن الفروع المنبعثة منه كالجداول والأقنية الأرضية القديمة المنصبة منه على جهات مدينة النجف وطف الحيرة والمشخاب والمحاجير وغيرها المتفرعة بالقرب من جامع سهيل بالكوفة، ومن بين جامع الكوفة القديم وقصر الخورنق تدل دلالة واضحة بأن هذا النهر كان جدولا رئيسيا للري على (ظهر كوفان للجهات الجنوبية والشرقية من أراضي الطفوف على) (2) عهد الحكومات العربية