يلقبون بالسادة، فملكا الكوفة وخطبا لشرف الدولة فانزعج الناس لذلك لما في النفوس من هيبتهم وبأسهم، وكان لهم من الهيبة ما أن عضد الدولة وبختيار أقطعاهم الكثير، وكان نائبهم ببغداد - الذي يعرف بأبي بكر ابن شاهويه - يتحكم تحكم الوزراء، فقبض عليه صمصام الدولة، فلما ورد القرامطة الكوفة كتب إليهما صمصام الدولة يتلطفهما ويسألهما عن سبب حركتهما، فذكرا أن قبض نائبهم هو السبب في قصدهم بلاده، وبثا أصحابهما وجبيا المال، ووصل أبو قيس الحسن بن المنذر إلى الجامعين (1) وهو من أكابرهم، فأرسل صمصام الدولة العساكر ومعهم العرب فعبروا الفرات إليه وقاتلوه فانهزم عنهم، وأسر أبو قيس وجماعة من قواده فقتلوا، فعاد القرامطة وسيروا جيشا آخر في عدد كثير وعدة فالتقوا هم وعساكر صمصام الدولة بالجامعين أيضا، فأجلت الوقعة عن هزيمة القرامطة، وقتل مقدمهم وغيره وأسر جماعة ونهب سوادهم، فلما بلغ المنهزمون إلى الكوفة رحل القرامطة وتبعهم العسكر إلى القادسية فلم يدركوهم، وزال من حينئذ ناموسهم (2).
27 - حادثة قرواش العقيلي وابن ثمال الخفاجي:
كان معتمد الدولة أبو المنيع قرواش بن المقلد بن المسيب العقيلي من هوازن صاحب الموصل والكوفة والمدائن وسقي الفرات، وليها بعد مقتل أبيه سنة 391، وكان أديبا شاعرا، أحسن تدبير ملكه وسياسته، ودامت إمارته خمسين سنة، فوقع خصام بينه وبين أخيه بركة بن المقلد، قبض عليه بركة سنة 441 وحبسه في إحدى قلاع الموصل، ثم نقله ابن أخيه قريش بن بدران بن المقلد إلى قلعة الجراحية من أعمال الموصل فتوفي فيها سنة 444 (3)، وكان أبو علي بن ثمال الخفاجي ولاه الرحبة الحاكم بأمر الله صاحب مصر فسار إليها، فخرج إليه عيسى بن خلاط العقيلي