19 - حادثة عبد الله بن معاوية الطالبي:
كان عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب الهاشمي من شجعان الطالبيين ورؤسائهم وشعرائهم، ظهر سنة 127 بالكوفة خالعا طاعة بني مروان وداعيا إلى نفسه، فبايع له أهل الكوفة وأتته بيعة المدائن، ثم قاتله عبد الله بن عمر والي الكوفة - على ما ستسمع - فتفرق عنه أصحابه فخرج إلى المدائن، فلحق به جمع من أهل الكوفة فغلب بهم على حلوان والجبال وهمذان وأصبهان والري واستفحل أمره، فجبي له خراج فارس وكورها، وأقام بإصطخر، فسير أمير العراق ابن هبيرة الجيوش لقتاله، فصبر لها ثم انهزم إلى شيراز ومنها إلى هراة، فقبض عليه عاملها وقتله بأمر أبي مسلم الخراساني سنة 129.
وأما سبب ظهوره بالأمر على ما ذكره ابن الأثير في حوادث سنة 127 من تاريخه فهو: أنه قدم على عبد الله بن عمر بن عبد العزيز والي الكوفة فأكرمه وأجازه وأجرى عليه وعلى أخوته كل يوم ثلاثمائة درهم، فكانوا كذلك حتى هلك يزيد بن الوليد، وبايع الناس أخاه إبراهيم بن الوليد وبعده عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك، فلما بلغ خبر بيعتهما عبد الله بن عمر بالكوفة، بايع الناس وزاد في العطاء وكتب بيعتهما إلى الآفاق فجاءته البيعة، ثم بلغه امتناع مروان بن محمد من البيعة ومسيره إليهما إلى الشام، فحبس عبد الله بن معاوية عنده وزاده فيما كان يجري عليه وأعده لمروان بن محمد إن هو ظفر بإبراهيم بن الوليد ليبايع له ويقاتل به مروان، فماج الناس وورد مروان الشام وظفر بإبراهيم، فانهزم إسماعيل بن عبد الله القسري إلى الكوفة مسرعا، وافتعل كتابا على لسان إبراهيم بأمرة الكوفة، وجمع اليمانية وأعلمهم ذلك فأجابوه وامتنع عبد الله بن عمر عليه وقاتله.
فلما رأى الأمر كذلك، خاف أن يظهر أمره فيفتضح ويقتل، فقال لأصحابه: إني أكره سفك الدماء فكفوا أيديكم.
فكفوا، وظهر أمر إبراهيم وهربه، ووقعت العصبية بين الناس، وكان سببها أن عبد الله بن عمر كان أعطى مضر وربيعة عطايا كثيرة ولم يعط جعفر بن القعقاع بن شور الذهلي وعثمان بن الخيبري من تيم اللات بن ثعلبة شيئا وهما من ربيعة فكانا مغضبين، وغضب لهما ثمامة بن خوشب بن رؤيم الشيباني، وخرجوا من عند