الخط العربي أو الخط الكوفي تاريخه:
ليس في آثار العرب ما يدل على أنهم كانوا يعرفون الكتابة إلا قبيل الإسلام، مع أنهم كانوا محاطين شمالا وجنوبا بأمم من العرب، خلفوا نقوشا كتابية كثيرة، وأشهر تلك الأمم: حمير في اليمن كتبوا بالحرف المسند، والأنباط في الشمال كتبوا بالحرف النبطي، وآثارهم باقية إلى هذه الغاية في ضواحي حوران والبلقاء، والسبب في ذلك: أن الحجازيين أو عرب مضر، كانت البداوة غالبة على طباعهم والكتابة من الصنائع الحضرية، على أن بعض الذين رحلوا منهم إلى العراق أو الشام قبل الإسلام، تخلقوا بأخلاق الحضر واقتبسوا الكتابة منهم على سبيل الاستعارة، فعادوا وبعضهم يكتب العربية بالحرف النبطي أو العبراني أو السرياني، ولكن النبطي والسرياني ظل عندهم إلى ما بعد الفتوح الإسلامية، فتخلف عن الأول الخط النسخي - الدارج - وعن الثاني الخط الكوفي، نسبة إلى مدينة الكوفة، وكان الخط الكوفي يسمى قبل الإسلام الحيري، نسبة إلى الحيرة وهي مدينة عرب العراق قبل الإسلام، وابتنى المسلمون الكوفة بجوارها.
ومعنى ذلك: أن السريان في العراق كانوا يكتبون ببضعة أقلام من الخط السرياني، في جملتها قلم يسمونه السطر نجيلي، كانوا يكتبون به الأسفار النصرانية فاقتبسه العرب في القرن الأول قبل الإسلام، وكان من أسباب تلك النهضة عندهم، وعنه تخلف الخط الكوفي وهما متشابهان إلى الآن.
واختلفوا في من نقله إلى بلاد العرب، والأشهر أن أهل الأنبار نقلوه، وذلك أن رجلا منهم اسمه: بشر بن عبد الملك الكندي، أخو أكيدر بن عبد الملك صاحب دومة الجندل، تعلم هذا الخط من الأنبار وخرج إلى مكة فتزوج الصهباء بنت حرب ابن أمية أخت أبي سفيان والد معاوية، فعلم جماعة من أهل مكة فكثر من يكتب بمكة من قريش (1) عند ظهور الإسلام، ولذلك توهم بعضهم أن أول من نقل الخط