تاريخ الكوفة - السيد البراقي - الصفحة ٢٦٤
ولاة الكوفة توطئة:
يراد بالولاية الإمارة على البلاد، فيولي السلطان أو الملك من يقوم مقامه في حكومة الولايات وهي الأعمال في اصطلاحهم، وهذا النوع من الحكومة قديم، وكانت الشام لما فتحها المسلمون، ولاية واحدة من ولايات الروم يسمونها: ولاية الشرق، وتقسم إلى 11 إقليما، تحت كل إقليم عدة بلاد، ولكل إقليم قصبة، وكان لكل إقليم حاكم أو عامل، والغالب أن يكون بطريقا، والبطريق عند الروم غير البطريرك، وإنما هو لقب جماعة من شرفاء المملكة الرومانية، نشأوا بنشوء مدينة رومية، وكان لهم نفوذ عظيم في دولة الرومان، وكانوا بعد انقسام المملكة الرومانية قد انحط شأنهم ولم يعد لهم عمل في الحكومة، فلما امتدت تلك المملكة إلى إفريقية وسائر الشرق، رأت الحكومة أن هذه الولايات البعيدة تحتاج إلى من يتولاها ويكون له هيبة وسطوة، فجعلوا يولونهم الحكومات في تلك المستعمرات، وفي جملتها الشام ومصر وما يليهما، فكان على كل إقليم من أقاليم الشام حاكم يقيم في قصبتها ومعه الجند في القلاع، وكان على كل من هذه الأقاليم حاكم عام يقيم في أنطاكية، ولهذا الحاكم أن يولي ويعزل من يشاء من حكام الأقاليم، وهو يتولى جباية الخراج والإنفاق على الجند وسائر أعمال الولاية، وكانت مصر أيضا على نحو هذا النظام من حيث الانقسام إلى أقاليم وبلاد، وحاكمها العام كان يقيم في الإسكندرية.
وكانت العراق وبلاد فارس هكذا أيضا، وربما كان ولاتها أكثر تقليدا من ولاة الشام ومصر لقرب دار الملك منهم.
الولايات في الإسلام (1):
فلما ظهر الإسلام ونهض المسلمون للفتح، كانوا إذا أرسلوا قائدا إلى فتح بلد

1 - انظر العهد الذي عهده الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) لمالك الأشتر حين ولاه مصر وأعمالها، لما اضطر أمر أميرها محمد بن أبي بكر وهو أطول عهد كتبه (عليه السلام) وأجمعه محاسن، وقد أورده الشريف الرضي (رحمه الله) في نهج البلاغة، أنظر شرحه لابن أبي الحديد: 4 / 119 - 153، وقد شرح هذا العهد شروحا عديدة وترجم إلى لغات أجنبية.
(٢٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 ... » »»
الفهرست