8 - حادثة مسلم بن عقيل (1) وهاني بن عروة (2):
لما بلغ أهل الكوفة هلاك معاوية، أرجفوا بيزيد وعرفوا خبر الحسين (عليه السلام) وامتناعه وخروجه إلى مكة، فاجتمعت الشيعة في دار سليمان بن صرد الخزاعي فذكروا ما كان، وتؤامروا على أن يكتبوا للحسين (عليه السلام) بالقدوم إليهم، وخطبت بذلك خطباؤهم فكتبوا إليه كتبا وسرحوها مع عبد الله بن مسمع وعبد الله بن وال، وأمروهما بالنجاء فجدا حتى دخلا مكة لعشر مضين من شهر رمضان، ثم كتبوا إليه بعد يومين وسرحوا الكتب مع قيس بن مسهر الصيداوي وعبد الرحمن بن عبد الله الأرحبي، ثم كتبوا إليه بعد يومين آخرين وسرحوا الكتب مع هاني بن هاني السبيعي وسعيد بن عبد الله الحنفي، حتى بلغت الكتب اثني عشر ألفا، وهي تنطوي على الاستبشار بهلاك معاوية والاستخفاف بيزيد، وطلب قدومه والعهد له ببذل النفس والنفيس دونه، وكان من المكاتبين: حبيب بن مظهر، ومسلم بن عوسجة، وسليمان ابن صرد، ورفاعة بن شداد، والمسيب بن نجبة، وشبث بن ربعي، وحجار بن أبجر، ويزيد بن الحرث بن رؤيم، وعزرة بن قيس، وعمرو بن الحجاج، ومحمد بن عمير، وأمثالهم من الوجوه.
فلما رأى الحسين (عليه السلام) ذلك، دعا مسلم بن عقيل (رضي الله عنه) وأمره بالرحيل إلى الكوفة وأوصاه بما يجب، وكتب معه إلى أهل الكوفة مجيبا لما كتبوه إليه:
«أما بعد، فإن هانيا وسعيدا قدما علي بكتبكم وكانا آخر من قدم علي من رسلكم، وقد فهمت ما اقتصصتم من مقالة جلكم: إنه ليس علينا إمام فاقبل لعل الله يجمعنا بك على الحق والهدى، وإني باعث إليكم أخي وابن عمي وثقتي من أهل بيتي مسلم بن عقيل، فإن كتب إلي أنه قد اجتمع رأي ملئكم وذوي الحجى