قضاة الكوفة توطئة:
القضاء - ويراد به منصب الفصل بين الناس في الخصومات - قديم (1)، لأن الإنسان لم يستغن عمن يفصل في قضاياه من أول أزمان وجوده، وكان قضاة القبائل عقلاؤها وكبارها وهم أيضا حكامها وأمراؤها، فكان الرجل إذا نبغ في عقله وقوته تولى حكومة قبيلته وحكم في قضاياها، وهو حال البدو على فطرتهم، وكذلك كان العرب في جاهليتهم، فقد كانوا يتقاضون إلى وجهائهم وعقلائهم، واشتهر من هؤلاء القضاة قبل الإسلام جماعة كبيرة يحكم كل منهم في قبيلته، فمن تميم: حاجب بن زرارة، والأقرع بن حابس، وربيعة بن مخاشن (2)، ومن ثقيف: غيلان بن سلمة (3)، ومن قريش: هاشم بن عبد مناف، وعبد المطلب بن هاشم، وأبو طالب بن عبد المطلب عم النبي (صلى الله عليه وآله)، والعاص بن وائل (4)، ومن بني أسد: ربيعة بن حذار (5)، ومن كنانة: سلمى بن نوفل (6)، وغير هؤلاء ممن اشتهر في كل القبائل مثل: أكثم بن صيفي (7)، وعامر بن الظرب وغيرهما (8)، وكان العرب أيضا يتقاضون إلى الكهان والعرافين، هكذا كان القضاء قبل الإسلام.