وطلب أصحابه فخرج عمرو بن الحمق حتى أتى الموصل ومعه رفاعة بن شداد فاختفيا بجبل هناك، فرفع خبرهما إلى عامل الموصل فسار إليهما فخرجا إليه، فهرب رفاعة وقتل عمرو بالطعن، ثم إن زيادا جمع من أصحاب عدي اثني عشر رجلا في السجن ثم دعا رؤساء الأرباع يومئذ وهم: عمرو بن حريث على ربع أهل المدينة، وخالد بن عرفطة على ربع تميم وهمدان، وقيس بن الوليد على ربع ربيعة وكندة، وأبا بردة بن أبي موسى الأشعري على ربع مذحج وأسد، فشهد هؤلاء أن حجرا جمع إليه الجموع وأظهر شتم الخليفة، ودعا إلى حرب أمير المؤمنين وزعم أن هذا الأمر لا يصلح إلا في آل أبي طالب، ووثب بالمصر، وأخرج عامل أمير المؤمنين وأظهر عذر أبي تراب والترحم عليه والبراءة من عدوه وأهل حربه، وأن هؤلاء النفر الذين معه هم رؤوس أصحابه على مثل رأيه وأمره.
ونظر زياد في شهادة الشهود وقال: إني لأحب أن يكونوا أكثر من أربعة، فدعا الناس ليشهدوا، فشهد إسحق وموسى ابنا طلحة بن عبيد الله، والمنذر بن الزبير، وعمارة بن عقبة بن أبي معيط، وعمر بن سعد بن أبي وقاص وغيرهم، وكتب في الشهود شريح بن الحرث القاضي وشريح بن هاني، فأما شريح بن هاني فكان يقول: ما شهدت وقد لمته.
ثم دفع زياد حجر بن عدي وأصحابه إلى وائل بن حجر الحضرمي وكثير بن شهاب، وأمرهما أن يسيرا بهم إلى الشام فخرجوا عشية، فلما بلغوا الغريين لحقهم شريح بن هاني وأعطى وائلا كتابا وقال: أبلغه أمير المؤمنين.
فأخذه وساروا حتى انتهوا بهم إلى مرج عذراء عند دمشق، وكانوا: حجر بن عدي الكندي، والأرقم بن عبد الله الكندي، وشريك بن شداد الحضرمي، وصيفي ابن فسيل الشيباني، وقبيصة بن ضبيعة العبسي، وكريم بن عفيف الخثعمي، وعاصم بن عوف البجلي، وورقاء بن سمي البجلي، وكدام بن حيان، وعبد الرحمن بن حسان العنزيان، ومحرز بن شهاب التميمي، وعبد الله بن حوية السعدي التميمي، فهؤلاء اثنا عشر رجلا وأتبعهم زياد برجلين وهما: عتبة بن الأخنس من سعد بن بكر، وسعد بن نمران الهمداني، فتموا أربعة عشر رجلا، فأمر معاوية بترك ستة منهم وقتل ثمانية بعد أن عرض عليه البراءة من علي (عليه السلام) واللعن له فأبوا.