من مقاصد العرب إلا نصها، ولا يتحقق إشاراتها إلى غرض الإيجاز، ووحيها وتبليغها، وتلويحها، فتفرقوا في تأويلها شذر مذر، من آمن منهم ومن كفر فأما ما لا يصح من هذه الأحاديث فواجب أن لا يذكر منها شئ في حق الله تعالى ولا في حق أنبيائه، ولا يتحدث بها ولا يتكلف الكلام على معانيها، والصواب طرحها، وترك الشغل بها، إلا إن يذكر على وجه التعريف بأنها ضعيفة المفاد، واهية الإسناد، وقد أنكر الأشياخ على أبي بكر بن فورك تكلفه في مشكلة الكلام على أحاديث ضعيفة موضوعة لا أصل لها، أو منقولة عن أهل الكتاب الذين يلبسون الحق بالباطل، كان يكفيه طرحها ويغنيه على الكلام عليها التنبيه على ضعفها، إذ المقصود بالكلام على مشكل ما فيها، أزال اللبس بها واجتثاثها من أصلها وطرحها، أكشف للبس، وأشفى للنفس قال: ومما يجب على المتكلم فيما يجوز على النبي وما لا يجوز والمذاكر أن يلتزم في كلامه عند ذكره صلى الله عليه وسلم وذكر تلك الأحوال الوجبة من توقيره وتعظيمه، ويراقب حال لسانه، ولا يهمله وتظهر عليه علامات الأدب عند ذكره صلى الله عليه وسلم فإذا ذكر ما قاساه من الشدائد ظهر عليه الاشفاق والغيظ على عدوه، ومودة الفداء للنبي صلى الله عليه وسلم والنصرة له لو أمكنه، وإذا أخذ في أبواب العصمة وتكلم على مجاري أعماله وأقواله صلى الله عليه وسلم، ويجري أحسن اللفظ، وأدب العبارة ما أمكنه، وهجر من العبارة ما يقبح كلفظة الجهل، والكذب، والمعصية.
فإذا تكلم في الأقوال قال: هل يجوز عليه الخلف في القول الإخبار بخلاف ما وقع سهوا أو غلطا؟ ونحوه من العبارة ويتجنب لفظه الكذب جملة واحدة، وإذا تكلم على العلم قال: هل يجوز أن لا يعلم إلا ما علم؟ وهل يمكن أن لا يكون عنده علم من بعض الأشياء حتى يوحى إليه؟ ولا يقول بجهل لقبح اللفظ وبشاعته، وإذا تكلم في الأفعال قال: هل يجوز منه المخالفة في بعض الأوامر والنواهي ومواقعة الصغائر؟ فهو أولى وأأدب من قوله: هل يجوز أن يعصي أو يذنب؟ أيفعل كذا وكذا من أنواع المعاصي؟ فهذا من حق توقيره صلى الله عليه وسلم وما يجب له من تعزيز وإعظام.