وأما هلاك من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم وإخباره بأن رسله إليه لا تدركه فكان كذلك فقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن رجل، عن سعيد بن جبير، قال:
جاء رجل إلى قرية من قرى الأنصار فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلني إليكم وأمركم أن تزوجوني فلانة، قال: فقال رجل من أهلها: جاءنا هذا بشئ ما نعرفه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنزلوا الرجل وأكرموه حتى آتيكم بخبر ذلك، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فأرسل عليا والزبير - رضي الله تبارك وتعالى عنهما - فقال: اذهبا فإن أدركتماه فاقتلاه، ولا أراكما تدركانه، قال: فذهبا فوجداه قد لدغته حية فقتلته، فرجعا إلى النبي فأخبراه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار (1).
قال البيهقي (2) هذا مرسل، وقد روي من وجه آخر، فذكره من طريق يحيى ابن بسطام قال: حدثني عمر بن فرقد البزار، حدثنا عطاء بن السائب، عن عبد الله بن الحارث أن جد جد الجندعي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقربه، فأتى اليمن، فعشق فيهم امرأة فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني أن تبعثوا إلي بفتاتكم، فقالوا:
عهدنا برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحرم الزنا، ثم بعثوا رجلا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فبعث النبي صلى الله عليه وسلم عليا فقال: ائته، فإن وافقته حيا فاقتله، وإن وجدته ميتا فحرقه بالنار.
قال: فخرج جدجد من الليل يستسقي من الماء فلدغته أفعى فقتلته، فقدم علي - رضي الله تبارك وتعالى عنه - فوافقه وهو ميت، فحرقه بالنار، فمن ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار (3).