ذكر وثوب مسيلمة في بني حنيفة ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي هو أبو ثمامة مسيلمة بن كثير بن حبيب بن الحارث بن عبد الحارث بن عدي بن حنيفة بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط، بن هيت بن أفصى بن دعمى بن جديلة بن أسد بن ربيعة القرشي بن نزار بن معد بن عدنان.
فلما بعث أبو بكر السرايا إلى المرتدين، أرسل عكرمة بن أبي جهل في عسكر إلى مسيلمة وأتبعه شرحبيل بن حسنة، فعجل عكرمة ليذهب بصوتها، فواقعهم فنكبوه، وأقام شرحبيل بالطريق حين أدركه الخبر، وكتب عكرمة إلى أبي بكر بالخبر. فكتب إليه أبو بكر: لا أرينك ولا تراني، لا ترجعن فتوهن الناس، أمض إلى حذيفة وعرفجة فقاتل أهل عمان ومهرة، ثم تسير أنت وجندك تستبرون الناس حتى تلقى مهاجر بن أبي أمية باليمن وحضرموت.
فكتب إلى شرحبيل بالمقام إلى أن يأتي خالد، فإذا فرغوا من مسيلمة تلحق بعمرو بن العاص تعينه على قضاعة.
فلما رجع خالد من البطاح إلى أبي بكر واعتذر إليه قبل عذره ورضي عنه ووجهه إلى مسيلمة وأوعب معه المهاجرين والأنصار، وعلى الأنصار ثابت بن قيس بن شماس، وعلى المهاجرين أبو حذيفة وزيد بن الخطاب، وأقام خالد بالبطاح ينتظر وصول البعث إليه. فلما وصلوا إليه سار إلى اليمامة وبنو حنيفة يومئذ كثيرون كانت عدتهم أربعين ألف مقاتل، وعجل شرحبيل ابن حسنة، وبادر خالدا بقتال مسيلمة، فنكب، فلامه خالد، وأمد أبو بكر خالدا بسليط ليكون ردءا له لئلا يؤتي من خلفه. وكان أبو بكر يقول: لا أستعمل أهل بدر، أدعهم حتى يلقوا الله بصالح أعمالهم، فإن الله يدفع بهم وبالصالحين أكثر مما ينتصر بهم. وكان عمر يرى استعمالهم على الجند وغيره.
وكان مع مسيلمة نهار الرجال بن عنفوة، وكان قد هاجر إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، وقرأ القرآن، وفقه في الدين، وبعثه معلما لأهل اليمامة، وليشغب على مسيلمة، فكان أعظم فتنة على بني حنيفة من مسيلمة، شهد أن محمدا صلى الله عليه وسلم، يقول: إن مسيلمة قد أشرك معه، فصدقوه واستجابوا له، وكان مسيلمة ينتهي إلى أمره، وكان يؤذن له عبد الله بن النواجة، والذي يقيم له حجير بن عمير، فكان حجير يقول: أشهد أن مسيلمة يزعم أنه رسول الله. فقال له مسيلمة: أفصح حجير، فليس في المجمجمة خير. وهو أول من قالها.