وأما إخباره صلى الله عليه وسلم عمار بن ياسر - رضي الله تبارك وتعالى عنه - بما قال المنافقون في مسيرهم إلى تبوك فقال الواقدي (١): قالوا: وكان رهط من المنافقين يسيرون مع النبي صلى الله عليه وسلم في تبوك، منهم وديعة بن ثابت، أحد بني عمرو بن عوف، والجلاس بن سويد بن الصامت، ومخشي بن حمير من أشجع، حليف لبني سلمة، وثعلبة ابن حاطب، فقال ثعلبة: تحسبون قتال بني الأصفر كقتال غيرهم؟ والله لكأنا بكم غدا مقرنين في الحبال إرجافا برسول الله صلى الله عليه وسلم وترهيبا للمؤمنين، فقال وديعة بن ثابت: ما لي أرى قرآنا هؤلاء أوعبنا بطونا، وأكذبنا ألسنة، وأجبننا عند اللقاء؟ وقال الجلاس بن سويد - وكان زوج أم عمير وكان ابنها عمير يتيما في حجره -: هؤلاء سادتنا وأشرافنا وأهل الفضل منا، والله لئن كان محمد صادقا لنحن شر من الحمير! فقال مخشي بن حمير: والله لوددت أني أقاضي على أن يضرب كل رجل منا مائة جلدة وأنا ننفلت من أن ينزل فينا القرآن بمقالتكم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمار بن ياسر - رضي الله تبارك وتعالى عنه -:
أدرك القوم فإنهم قد احترقوا، فسلهم عما قالوا، فإن أنكروا فقل: بلى، قد قلتم كذا وكذا، فذهب إليهم عمار فقال لهم، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتذرون إليه، فقال وديعة بن ثابت ورسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقته قد أخذ بحقب ناقة النبي صلى الله عليه وسلم ورجلاه تنسفان الحجارة وهو يقول: يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب، ولم يلتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله - تعالى - فيه: ﴿ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب﴾ (٢) إلى قوله - تعالى -: ﴿كانوا مجرمين﴾ (3)، ورد عمير على الجلاس ما قال حين قال: لنحن شر من