عليه بحكمه من الاستتابة وتوابعها؟ قلنا: نحن وإن أثبتنا له حكم الكافر في القتل فلا يقطع عليه ذلك لإقراره بالتوحيد والنبوة، وإنكاره ما شهد به عليه أو زعمه أن ذلك كان منه ذهلا ومعصية، وأنه مقلع عن ذلك نادم عليه ولا يمتنع إثبات بعض أحكام الكفر على شخص وأن لم تثبت له خصائصه كقتل تارك الصلاة.
وأما من علم أنه سبه معتقدا لاستحلاله، فلا شك في كفره بذلك، وكذلك إن كان سبه في نفسه كفر كتكذيبه، أو تكفيره، ونحوه، فهذا مما لا إشكال فيه، ويقتل وإن تاب منه، لأنا لا نقبل توبته ونقتله بعد التوبة حدا، لقوله ومتقدم كفره، وأمره بعد إلى الله تعالى المطلع على صحة إقلاعه، العالم بسره وكذلك من لم يظهر إلى التوبة واعتراف بما شهد به عليه، وصمم عليه، فهذا كافر بقوله وباستحلاله، هتك حرمة الله تعالى وحرمة نبيه صلى الله عليه وسلم يقتل كافرا بلا خلاف، فعلى هذه التفصيلات يؤخذ كلام العلماء ونزل مختلف عبارتهم في الاحتجاج عليها وأخذ اختلافهم في الموارثة وغيرها على ترتيبها، يتضح لك مقاصدهم، إن شاء الله تعالى.
حكى ابن القصار أنه إجماع من الصحابة - رضي الله تبارك وتعالى عنهم - على تصويب قول عمر في الاستتابة ولم ينكره واحد منهم، وهو قول عثمان، وعلي وابن مسعود، وبه قال عطاء بن أبي رباح، والنخعي، والثوري ومالك، وأصحابه والأوزاعي والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي، وذهب طاووس، وعبيد بن عمير، والحسن في إحدى الروايتين عنه، أنه لا يستتاب، وقاله عبد العزيز بن أبي شيبة، وذكره معاذ، وأنكر سحنون عن معاذ، وحكاه الطحاوي عن أبي يوسف، وهو قول أهل الظاهر.
قالوا: وتنفعه توبته عند الله تعالى ولكن لا ندرأ القتل عنه لقوله صلى الله عليه وسلم: من بدل دينه: فاقتلوه، وحكى أيضا عن عطاء أنه إن كان ممن ولد في الإسلام لم يستتب، ويستتاب الإسلامي، وجمهور العلماء على أن المرتد والمرتدة في ذلك سواء روي عن علي لا تقتل المرتدة وتسترق، وقال عطاء وقتادة، وروي عن ابن عباس - رضي الله تبارك وتعالى عنهما -: لا تقتل النساء في الردة،