لما كان ليلة دخل الناس مكة ليلة الفتح لم يزالوا في تكبير وتهليل وطواف بالبيت حتى أصبحوا، فقال أبو سفيان لهند: أترين هذا من الله؟ ثم أصبحوا، فغدا أبو سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: قلت لهند: أترين هذا من الله؟ قالت نعم هو من الله، فقال أبو سفيان: أشهد أنك عبد الله ورسوله، والذي يحلف به أبو سفيان ما سمع قولي هذا أحد من الناس إلا الله - عز وجل - وهند (1).
وأما إخباره صلى الله عليه وسلم بمجيئ عكرمة بن أبي جهل مؤمنا قبل قدومه فكان كذلك فقال الواقدي (2): ثم قالت أم حكيم امرأة عكرمة بن أبي جهل: يا رسول الله قد هرب عكرمة منك إلى اليمن، وخاف أن تقتله فأمنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو آمن، فخرجت أم حكيم في طلبه ومعها غلام لها رومي، فراودها عن نفسها، فجعلت تمنية حتى قدمت به على حي من عك (3). فاستعانتهم عليه (4)، فأوثقوه رباطا، وأدركت عكرمة، وقد انتهى إلى ساحل من سواحل تهامة، فركب البحر، فجعل نؤتي السفينة يقول له: أخلص، فقال: أي شئ أقول؟ قال: قل: لا إله إلا الله قال عكرمة: ما هربت إلا من هذا، فجاءت أم حكيم على هذا الكلام، فجعلت تلح إليه وتقول: يا ابن عم جئتك من عند أوصل الناس، وأبر الناس، وخير الناس، لا تهلك نفسك، فوقف لها حتى أدركته، فقالت: إني قد استأمنت لك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أنت فعلت؟ قالت:
نعم أنا كلمته فأمنك، (قال: وكيف يؤمنني وقد صنعنا به أنا وأبي ما صنعناه؟