وأما كفاية الله تعالى أمر الذي أراد قتله قريب أوطاس فقال الواقدي (1): حدثني ابن أبي حبيبة، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس - رضي الله تبارك وتعالى عنه - قال: كانت ذات أنواط شجرة عظيمة، أهل الجاهلية يذبحون لها (2) ويعكفون عليها يوما، وكان من حج منهم وضع رادءه عندها، ويدخل بغير رداء تعظيما لها، فلما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين، قال له رهط من أصحابه فيهم الحارث بن مالك: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط، فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا، وقال: هكذا فعل قوم موسى بموسى.
قال: قال أبو بردة بن نيار: لما كنا دوين أوطاس نزلنا تحت شجرة، ونظرنا إلى شجرة عظيمة، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحتها، وعلق بها سيفه وقوسه، قال: وكنت من أقرب أصحابه إليه، قال: فما أفزعني إلا صوته:
يا أبا بردة! فقلت: لبيك، وأقبلت سريعا، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وعنده رجل جالس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذا الرجل جاء وأنا نائم، فسل سيفي، ثم قام به على رأسي، ففزعت منه وهو يقول: يا محمد من يمنعك مني اليوم؟ قلت: الله، قال أبو بردة: فوثبت إلى سيفي فسللته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: شم سيفك، قال: قلت يا رسول الله، دعني أضرب عنق عدو الله، فإن هذا من عيون المشركين، فقال لي: اسكت يا أبا بردة، قال: فما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا، ولا عاقبه، قال: فجعلت أصيح به في العسكر ليشهده الناس فيقتله قاتل بغير أمر رسول الله، فأما أنا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كفني عن قتله، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الله عن الرجل يا أبا بردة! قال: فرجعت إلى