وأما إخباره صلى الله عليه وسلم بما خيره الله تعالى بين الدنيا والآخرة فخرج البيهقي من طريق يونس بن بكير وإبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق قال حدثني عبد الله بن عمر بن ربيعة عن عبيد مولي الحكم عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن أبي مويهبة (1) مولي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
أنبهني رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل فقال: يا أبا مويهبة إني قد أمرت أن أستغفر لأهل هذا البقيع فخرجت معه حتى أتينا البقيع فرفع يديه فاستغفر لهؤلاء ثم قال: ليهن لكم ما أصبحتم فيه مما أصبح الناس فيه، أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أولها الآخرة شر من الأولى: يا أبا مويهبة إني قد أعطيت مفاتيح خزائن الدنيا، والخلد فيها، ثم الجنة، فخيرت بين ذلك وبين لقاء ربي والجنة فقلت يا رسول الله بأبي أنت وأمي، فخذ مفاتيح خزائن الدنيا، والخلد فيها، ثم الجنة، فقال صلى الله عليه وسلم: يا أبا مويهبة لقد اخترت لقاء ربي والجنة، ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أصبح ابتدئ بوجعه الذي قبضه الله تعالى فيه (2) وذكره الواقدي من حديث معمر وجماعة قالوا: قالت عائشة رضي الله تبارك وتعالى عنها: وثب رسول الله صلى الله عليه وسلم من مضجعه من جوف الليل فقلت:
أين بأبي وأمي أي رسول الله قال: أمرت أن أستغفر لأهل البقيع، فخرج حتى جاء البقيع فاستغفر لهم ليلا طويلا ثم قال. ليهنكم ما أصبحتم فيه مما أصبح الناس فيه، أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم، يتبع بعضها بعضا، يتبع آخرها أولها الآخرة شر من الأولى ثم قال:
يا أبا مويهبة، إني قد أعطيت خزائن الدنيا والخلد، ثم الجنة فخيرت بين ذلك وبين لقاء ربي والجنة فقلت:
بأبي وأمي فخذ خزائن الدنيا والخلد، ثم الجنة فقال:
يا أبا مويهبة لقد اخترت لقاء ربي والجنة، ثم انصرف، وذلك ليلة الأربعاء. فأصبح صلى الله عليه وسلم محموما لليلتين بقيتا من صفر، وتوفي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين لاثنتي عشرة مضت من ربيع الأول.