وأما إعلام الله - تعالى - رسوله صلى الله عليه وسلم بما قاله عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر لأهل الحصن بالطائف فخرج البيهقي (1) من طريق ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، قال: وأقبل عيينة بن بدر حتى جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ائذن لي أن أكلمهم لعل الله أن يهديهم، فأذن له، فانطلق حتى دخل عليهم الحصن، فقال:
بأبي أنتم تمسكوا بمكانكم، والله لنحن أذل من العبيد، وأقسم بالله لئن حدث به حدث، لتملكن العرب عزا ومنعة، فتمسكوا بحصنكم، وإياكم أن تعطوا بأيديكم، ولا يتكاثرن عليكم قطع هذا الشجر، ثم رجع عيينة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ماذا قلت لهم يا عيينة؟ قال: قلت لهم وأمرتهم بالإسلام ودعوتهم إليه، وحذرتهم النار، ودللتهم على الجنة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: كذبت، بل قلت لهم: كذا وكذا فقص عليه رسول الله (ص) حديثه فقال: صدقت يا رسول الله، أتوب إلى الله - عز وجل - وإليك من ذلك، فلما أخذ الناس في القطع قال عيينة بن بدر ليعلي بن مرة: حرام علي أن أقطع حظي من الكرم، فقال يعلي بن مرة: إن شئت قطعت نصيبك، فماذا ترى؟
قال عيينة: أرى أن تدخل جهنم، فكانت هذه ريبة من عيينة في دينه، وسمع بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فغضب منه، وأوعد عيينة، وقال: أنت صاحب العمل أولى لك فأولى.
وقال الواقدي (2) في غزوة الطائف: قالوا: وقال عيينة: يا رسول الله ائذن لي حتى آتي حصن الطائف فأكلمهم، فأذن له، فجاءه فقال: أدنو منكم