قال القاضي عياض: هذا، وحكم من ثبت عليه بما شهد عليه ذلك بما يجب ثبوته من إقرار أو عدول لم يدفع منهم فأما من لم تتم الشهادة عليه بما شهد عليه الواحد أو اللفيف من الناس، أو ثبت قوله، لكن احتمل ولم يكن صريحا وكذلك إن من تاب على القول بقبول توبته، فهذا يدرأ عنه القتل، ويتسلط عليه اجتهاد الإمام بقدر شهرة حاله، وقوة الشهادة عليه وضعفها، وكره السماع عنه، وصورة حاله من التهمة في الدين والتميز بالسفه والمجون، فمن قوي أمره أذاقه من شديد النكال من التضييق في السجن، والشد في القيود، إلى الغاية التي منتهى طاقته، مما لا يمنعه القيام لضرورته ولا يقعده عن صلاته، وهو حكم كل من وجب عليه القتل.
قال القابسي في مثل هذا: ومن كان أقصى أمره القتل فعاق عائق أشكل في القتل لم ينبغ أن يطلق من السجن ويستطال سجنه، ولو كان فيه من المدة ما عسى أن يقيم، ويحمل عليه من القيد ما يطيق، وقال في مثلها مما أشكل أمره، فشد في القيود شدا ويضيق عليه في السجن حتى يظهر فيما يجب عليه فقال في مسألة أخرى مثلهما: ولا يهراق الدم إلا بالأمر الواضح، وفي الأدب بالسوط، والسجن، نكال للسفهاء، ويعاقب عقوبة شديدة فأما إن لم يشهد عليه سوى شاهدين، فأثبت من عدولهما أو جرحهما، ما أسقطهما عنه، ولم يسمع ذلك من غيرهما، فأمره أخف، لسقوط الحكم عنه، وكأنه لم يشهد عليه إلا أن يكون ممن يليق به ذلك ويكون الشاهدان من أهل التبريز فأسقطهما بعداوة فهو وإن لم بنفذ الحكم عليه بشهادتهما، فلا يدفع الظن صدقهما، للحاكم هنا في تنكيله موضع اجتهاد، والله ولي الإرشاد.