وأما ظهور صدقه صلى الله عليه وسلم في موت عبد الله بن سلام (1) على الإسلام من غير أن ينال الشهادة [فكان كما أخبر - توفي على الإسلام في أول أيام معاوية بن أبي سفيان سنة ثلاث وأربعين -] فخرج البخاري (2) من حديث ابن عون عن محمد (بن سيرين)، عن قيس بن عباد قال: كنت جالسا في مسجد المدينة فدخل رجل على وجهه أثر الخشوع، فقالوا: هذا رجل من أهل الجنة، فصلى ركعتين فتجور فيها ثم خرج وتبعته، فقلت: إنك حين دخلت المسجد قالوا: هذا رجل من أهل الجنة!
قال: والله ما ينبغي لأحد أن يقول ما لا يعلم، وسأحدثك لم ذاك، رأيت رؤيا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقصصتها عليه، ورأيت كأني في روضة، ذكر من سعتها وخضرتها، وسطها عمود من حديد أسفله في الأرض وأعلاه في السماء، في أعلاه عروة، فقيل لي: ارق، فرقيت، حتى كنت في أعلاه فأخذت بالعروة، فقيل لي: استمسك فاستيقظت، وإنها لفي يدي، فقصصتها على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: تلك العروة الوثقى، فأنت تموت على الإسلام حين تموت، وذلك الرجل عبد الله ابن سلام.