وأما شهادة الأساقفة للمصطفى صلى الله عليه وسلم بأنه النبي الذي كانوا ينتظرونه وامتناع من أراد ملاعنته من ذلك فقال يونس عن إسحاق: وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد نصارى نجران بالمدينة، حدثني محمد بن جعفر بن الزبير قال: لما قدم وفد نجران على رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلوا عليه مسجده بعد العصر فحانت صلاتهم، فقاموا يصلون في مسجده، فأراد الناس منعهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوهم، فاستقبلوا المشرق فصلوا صلاتهم.
حدثني بريدة بن سفيان، عن ابن السلماني، عن كرز بن علقمة قال: قد قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد نصارى نجران (1) ستون راكبا، منهم أربعة عشر رجلا من أشرافهم، و (في الأربعة عشر) منهم (ثلاثة) نفر إليهم يؤول أمرهم: العاقب، أمير القوم وذو رأيهم، وصاحب مشورتهم، والذين لا يصدرون إلا عن رأيه وأمره واسمه عبد المسيح والسيد لهم، ثمالهم (2) وصاحب رحلهم ومجتمعهم، واسمه الأيهم، وأبو حارثة بن علقمة، أحد بني بكر بن وائل، أسقفهم وحبرهم وإمامهم، وصاحب مدراسهم (3).
وكان أبو حارثة قد شرف فيهم، ودرس كتبهم، حتى حسن عمله في دينهم، وكانت ملوك الروم من أهل النصرانية قد شرفوه، ومولوه، وأخدموه، وبنوا له الكنائس، وبسطوا عليه الكرامات، لما يبلغهم عنه من عمله واجتهاده في دينهم.
فلما رجعوا (4) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نجران جلس أبو حارثة على بغلة له موجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى جنبه أخ له يقال له: كرز (1) بن علقمة حتى إذا