فصل في ذكر ما قيل في وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم اعلم أن الناس اختلفوا في وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته من بعده، فذهبت الروافض إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على علي بن أبي طالب - رضي الله تبارك وتعالى عنه - أنه الخليفة بعده، وقالت الزيدية أتباع زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب: لم ينص النبي صلى الله عليه وسلم على علي - رضي الله تبارك وتعالى عنه - لكنه كان أفضل الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم وأحقهم بالأمر، ثم اختلفوا فقالت الجارودية: أن الصحابة، ظلموه وكفروا من خالفه من الصحابة وقالت طائفة: إنه يتبرع من حقه لأبي بكر وعمر - رضي الله تبارك وتعالى عنهما - فتولتها، ولم تعاديهما، بل قالت بإمامتها وعمدتهم، لأبي بكر وعمر - رضي الله تبارك وتعالى عنهما -، فتولتها ولن تعاديهما بل قالت بإمامتهما وعمدتهم في الاحتجاج لأقوالهم أحاديث مكذوبة موضوعة لا معنى لتسويد الأوراق بها.
هذه مسألة أصولية: وهي إذا واحد يخبر بتوفر الدواعي على نقله ويعلم استحالة خفائه، كما إذا أخبر بقتل خطيب على المنبر يوم الجمعة في بلد، كبير ولم يتقلد غيره فالذي قالته الأمة من أهل السنة إنه كاذب قطعا، ومن هذا نعلم بالقطع كذب من ادعى أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على إمامة إمام معين بعده بحضرة ملأ من الناس وسكتوا عن نقله إلا آحادا منهم، وخالف الرافضة في أصل هذه المسألة توصلا إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على إمامة على - رضي الله تبارك وتعالى عنه - جمع يحصل منهم التواتر فكتموه إلا أفرادا نادرة.
وذهب جمهور أهل السنة إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يستخلف أحدا بعينه ولم يوص إلى أحد بعينه في أمر أمته، قائما به على الخلافة بما ذكرنا من أمر الصلاة، وقالت طائفة: بل نص صلى الله عليه وسلم استخلاف أبي بكر - رضي الله تبارك وتعالى عنه - بعده على الأمة، واحتج الجمهور على أنه صلى الله عليه وسلم لم يستخلف، بما خرجه البخاري في كتاب الأحكام في باب الاستخلاف من حديث سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن عمر - رضي الله تبارك وتعالى عنه -