فيهم نبي مرسل، فيكون أمره أخف، قال: ولكن ظاهر لفظه العموم لكل صاحب فندق من المتقدمين والمتأخرين، وقد كان فيمن تقدم من الأنبياء والرسل من اكتسب المال.
قال: ودم المسلم لا يقدم عليه إلا بأمر بين، وما ترد إليه التأويلات لا بد من إمعان النظر فيه، هذا معنى كلامه.
وحكى عن محمد بن أبي زيد فيمن قال: لعن الله العرب، ولعن الله بني إسرائيل، ولعن الله بني آدم وذكر أنه لم يرد الأنبياء وإنما أراد الظالمين منهم، أن عليه الأدب بقدر اجتهاد السلطان، وكذلك أفتى فيمن قال: لعن الله من حرم المسكر وقال: لم أعلم من حرمه وفيمن لعن، حديث لا يبيع حاضر لباد، ولعن من جاء به أنه إن كان يعذر بالجهل وعدم معرفة السنن، فعليه الأدب الوجيع وذلك أن هذا لم يقصد بظاهر حاله سب الله، ولا سب رسوله، وإنما لعن من حرمه من الناس، على نحو فتوى سحنون وأصحابه في المسألة المتقدمة، ومثل هذا يجري في كلام سفهاء الناس، من قول بعضهم لبعض: يا ابن ألف خنزيرة، وابن مائة كلب، وشبهه من هجر القول، ولا شك أنه يدخل في مثل هذا العدد من آبائه وأجداده جماعة من الأنبياء، ولعل بعض هذا العدد منقطع إلى آدم عليه السلام فينبغي الزجر عنه ويتبين ما جهل قائله منه، وشدة الأدب فيه، ولو علم أنه قصد سب من في آبائه من الأنبياء على علم لقتل.
وقد يضيق القول في نحو هذا لو قال لرجل هاشمي ": لعن الله بني هاشم، وقال أردت الظالمين منهم، أو قال لرجل من ذرية النبي صلى الله عليه وسلم ولم تكن قرينة في المسألتين تقتضي تخصيص بعض آبائه، وأخرج النبي صلى الله عليه وسلم ممن سبه منهم، وقد كان اختلف شيوخنا فيمن قال لشاهد شهد عليه بشئ ثم قال: تتهمني، فقال له الآخر: الأنبياء يتهمون فكيف أنت؟ وكان شيخنا أبو إسحاق بن جعفر يرى قتله لبشاعة ظاهر اللفظ، وكان القاضي أبو محمد بن منصور يتوقف عن القتل لاحتمال اللفظ عنده، أن يكون خبرا عمن اتهمهم من الكفار، وأفتى فيها قاضي قرطبة أبو عبد الله بن الحاج بنحو من هذا، وشدد القاضي أبو محمد تصفيده وإطالة سجنه، ثم استخلفه بعد على تكذيب ما شهد به عليه أو دخل