استغناؤه عنها وهذه أشد ونحو منه قول الآخر:
وإذا ما رفعت رايتها * صفقت بين جناحي جبرين وقول الآخر من أهل العصر:
فر من الخلد واستجار * بنا فصبر الله قلب رضوان كقول حسان المصيصي من شعراء الأندلس في محمد بن عباد المعروف بالمعتمد ووزيره أبي بكر بن زيدون:
كأن أبا بكر أبو بكر الرضي * وحسان حسان وأنت محمد إلى أمثال هذا وإنما أكثرنا بشاهدها مع استثقالنا حكايتها، لتعرف أمثلتها، ولتساهل كثير من الناس في ولوج هذا الباب الضنك، واستخفافهم فادح في هذا العب ء وقلة علمهم بعظيم ما فيه من الوزر وكلامهم فيه بما ليس لهم به علم، ﴿وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم﴾ (1)، لا سيما الشعراء، وأشدهم فيه تصريحا، وللسانه تسريحا، ابن هانئ الأندلسي (2) وأبي سليمان المغربي، بل قد خرج كثير من كلامهم إلى حد الاستخفاف، والنقص، وصريح الكفر.
قال: فإن هذه كلها، وإن لم تتضمن سبا ولا أضافت إلى الملائكة والأنبياء نقصا ولست أعني عجزي بيتي المعري، ولا قصد قائلها إزراء وغضبا، فما وقر النبوة، ولا عظم الرسالة، ولا عزر حرمة الاصطفاء، ولا عزر حظوة الكرامة، حتى شبه من شبه في كرامة نالها، أو معرة قصد الانتفاء منها، أو ضرب مثل لتطييب مجلسه، أو إغلاء في وصف لتحسن كلامه بمن عظم الله تعالى خطره، وشرف قدره، وألزم توقيره وبره، ونهى عن جهر القول له، ورفع الصوت عنده، فحق هذا إن دري عنه القتل، والأدب والسجن، وقوة تعزيره، بحسب شنعة مقاله، ومقتضى قبح ما نطق به، ومألوف عادته لمثله، أو ندوره، وقرينة كلامه، أو ندمه على ما سبق منه، ولم يزل المتقدمين ينكرون