الحارث اليهودية تسأل: أي الشاة أحب إلى محمد؟ فيقولون: الذراع والكتف، فعمدت إلى عنز لها فذبحتها، ثم عمدت إلى سم لابطي، قد شاورت اليهود في سموم فأجمعوا لها على هذا السم بعينه، فسمت الشاة وأكثرت في الذراعين والكتفين، فلما غابت الشمس صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب وانصرف إلى منزله، وجد زينب جالسة عند رحله فيسأل عنها فقالت: أبا القاسم، هدية أهديتها لك، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، فأمر صلى الله عليه وسلم بالهدية فقبضت منها ووضعت بين يديه، ثم قال لأصحابه وهم حضور أو من حضر منهم: ادنوا فتعشوا، فدنوا فمدوا أيديهم، وتناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذراع وتناول بشر بن البراء عظما فانتهش رسول الله صلى الله عليه وسلم منها نهشا وانتهش بشر، فلما ازدرد رسول الله صلى الله عليه وسلم:، ازدرد بشر.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعوا أيديكم فإن هذه الذراع تخبره أنها مسمومة، فقال بشر بن البراء: قد والله يا رسول الله وجدت ذلك من أكلتي التي أكلتها، فما منعني أن ألفظها إلا كراهية أن أنغص إليك طعامك، فلما تسوغت ما في يدك، لم أرغب بنفسي عن نفسك، ورجوت أن لا تكون ازدرتها وفيها بغي، فلم يرم بشر من مكانه حتى عاد لونه كالطيلسان وماطله وجعه سنة لا يتحول إلا ما حول، ثم مات منه، ويقال: لم يرم مكانه حتى مات.
وعاش رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك ثلاث سنين، ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب، فقال: سممت الذراع؟ فقالت: من أخبرك؟ قال: الذراع، قالت: نعم، (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:) وما حملك على ذلك؟ قالت: قتلت أبي، وعمي، وزوجي، ونلت من قومي ما نلت، فقلت: إن كان نبيا فستخبره الشاة بما صنعت، وإن كان ملكا استرحنا منه.
فاختلف علينا فيها، فقال قائل: أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتلت، ثم صلبت، وقال قائل: عفى عنها، وكان نفر ثلاثة قد وضعوا أيديهم في الطعام ولم يسيغوا منه شيئا، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه فاحتجموا أوساط رؤوسهم