ناعم ومعه المسلمون، وحصون ناعم عدة، فرمت اليهود يومئذ بالنبل، وترس أصحاب صلى الله عليه وسلم عن رسول الله، وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ درعان ومغفر وبيضة وهو على فرس يقال له الظرب، في يده قناة وترس، وأصحابه محدقون به، وقد كان دفع لواءه إلى رجل من أصحابه من المهاجرين فرجع ولم يصنع شيئا، ثم دفع إلى آخر فرجع ولم يصنع شيئا، ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم لواء الأنصار إلى رجل منهم، فخرج ورجع ولم يعمل شيئا، فحث رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين، وسالت كتائب اليهود، أمامهم الحارث أبو زينب يقدم اليهود يهد الأرض هدا، فأقبل صاحب راية الأنصار فلم يزل يسوقهم حتى انتهوا إلى الحصن فدخلوه، وخرج أسير اليهودي يقدم أصحابه معه عاديته، وكشف راية أصحاب الأنصار حتى انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في موقفه، ووجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفسه حدة شديدة، وقد ذكر لهم الذي وعدهم الله، فأمسى رسول الله صلى الله عليه وسلم مهموما، وقد كان سعد بن عبادة رجع مجروحا وجعل يستبطئ أصحابه، وجعل صاحب راية المهاجرين يستبطئ أصحابه ويقول: أنتم، وأنتم! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن اليهود جاءهم الشيطان فقال لهم: إن محمدا يقاتلكم على أموالكم! نادوهم: قولوا لا إله إلا الله، ثم قد أحرزتم بذلك أموالكم ودماءكم، وحسابكم على الله، فنادوهم بذلك فنادت اليهود: إنا لا نفعل ولا نترك عهد موسى والتوراة بيننا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأعطين الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله، يفتح الله على يديه، ليس بفرار، أبشر يا محمد بن مسلمة غدا، إن شاء الله يقتل قاتل أخيك وتولى عادية اليهود، فلما أصبح أرسل إلى علي بن أبي طالب - رضي الله تبارك وتعالى عنه - وهو أرمد، فقال: ما أبصر سهلا ولا جبلا. قال: فذهب إليه فقال: افتح عينيك. ففتحهما فتفل فيهما. قال علي - رضي الله تبارك وتعالى عنه -: فما رمدت حتى الساعة، ثم دفع إليه اللواء، ودعا له ومن معه من أصحابه بالنصر، فكان أول من خرج إليهم الحارث أخو مرحب في عاديته، فانكشف المسلمون وثبت علي - رضي الله تبارك وتعالى عنه -، ورجع أصحاب الحارث إلى الحصن فدخلوه وأغلقوا عليهم، فرجع المسلمون إلى موضعهم، فخرج مرحب وهو يقول:
(٣٣٣)