قيل له: أما تشاجر علي والعباس وإقبالهما إلى عمر فمشهود، ولكنهما لم يسألا ذلك ميراثا، إنما سألا ذلك عن عمد ليكون بأيديهما منه ما كان بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم منه أيام حياته، ليعملا في ذلك بالذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل به في حياته، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ منه قوت عامه ثم يجعل ما فضل في الكراع، والسلاح، عدة في سبيل الله، وكذلك صنع أبو بكر - رضي الله تبارك وتعالى عنه - فأراد عمر - رضي الله تبارك وتعالى عنه - ذلك لأنه موضع يسوغ فيه الاختلاف، وأما الميراث والتمليك فلا يقوله أحد إلا الروافض، وأما علماء الإسلام فعلى قولين:
أحدهما: وهو الأكثر، وعليه الجمهور، أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يورث وما ترك صدقة.
والآخر: أن بيت النبي صلى الله عليه وسلم لم يورث، لأنه خصه الله - عز وجل - بأن جعل ما له صدقه زيادة في فضله.
كما خصه في النكاح بأشياء حرمها عليه أباحها لغيره، وأشياء أباحها له حرمها على غيره، وهذا القول قاله بعض أهل البصرة، منهم ابن علية، وسائر علماء المسلمين على القول الأول. وأما الروافض فليس قولهم مما يشتغل به، ولا يحكى مثله، لما فيه من الطعن على السلف، والمخالفة لسبيل المؤمنين.
وخرج أيضا من حديث عبد الله بن أبي أمية قال: قرئ على مالك، عن ابن شهاب، عن ابن مالك بن أوس بن الحدثان قال: سمعت عمر بن الخطاب - رضي الله تبارك وتعالى عنه - يقول: حدثنا أبو بكر - رضي الله تبارك وتعالى عنه - أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنا معشر الأنبياء ما تركنا صدقة، ومن حديث الحميدي (1)، حدثنا سفيان عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا معشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقة بعد نفقة نسائي ومؤونة عاملي.