وقد ذكر القاضي أبو بكر بن العربي - رحمه الله - هذه القضية في كتاب سماه (قانون التأويل) (1) وهو كان جمعة من قوام يد الشيخ أبي حامد محمد بن محمد الغزالي - رحمه الله - ونصه ما قوله أدام الله علوه:
فما أقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم تميم الداري من الشام قبل أن يملكه أهل الإسلام ما وجه صحته مع أنه جرى قبل الملك، ولم يتصل به القدر، ولم يجر تحديد محل الإقطاع، فأجاب على ذلك بأن الإقطاع صحيح لتميم ومنتقل إلى أعقابه وقت حصول الملك عند تسليم الإمام المستولي على تلك الأرض له ذلك، ووجه صحته أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مختصا بالصفايا من المغنم حتى كان يختار من المغنم ما يريد، ويدفع ملك المسلمين عنه بعد استيلائهم عليه، فلذلك كان له أن يستثني تبعة من ذيلة الكفر عن ملك المسلمين ويعينها لبعض المسلمين فتصير ملكا له، ويكون سبب الملك تسليم الإمام وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ويستثنى من التخصيصات، وليس ذلك لغيره من الأئمة، فإنه صلى الله عليه وسلم كان مطلعا بالوحي على من سيملك في المستقبل، وعلى وجه المصلحة في التخصيص والاستثناء وغير ذلك ولا يطلع غيره عليه.
وأما قول من قال لا يصح إقطاعه لأنه قبل الملك، فهو كفر محض، لأنه يقال له: هل حل لرسول الله ما فعل أو كان ظالما بتصرفه ذلك؟ فإن جعله ظالما كفر، وإن قال بل حل له ذلك، قيل له: أتعلم أن ذلك يحصل أو لا فإن جهله كفر، وإن قال: إنه علم، لكن علم أنه لا يحصل، قيل له: فلا يبقى إلا أنه قد قدم عليه مع علمه مبطلاته (2).
هذا كلام الشيخ أبي حامد الغزالي، كما ترى أن عطاء ذلك لتميم الداري منن الخصائص النبوية وجعله من الصفايا المختصة به صلى الله عليه وسلم فلا يكون لأحد من