السجن وجعل وراء الباب ردما (1)، فحاصروه فامتنع، فأتوا بنار ليحرقوا الباب. ثم اشتغلوا عن ذلك بقدوم مروان بن محمد وأصحابه إلى دمشق في طلب المنهزمين.
دخول مروان الحمار دمشق وولايته الخلافة لما أقبل مروان بمن معه من الجنود من عين الجر واقترب من دمشق وقد انهزم أهلها بين يديه بالأمس، هرب إبراهيم بن الوليد وعمد سليمان بن هشام إلى بيت المال ففتحه وأنفق ما فيه على أصحابه ومن اتبعه من الجيوش، وثار موالي الوليد بن يزيد إلى دار عبد العزيز بن الحجاج فقتلوه فيها وانتهبوها ونبشوا قبر يزيد بن الوليد وصلبوه على باب الجابية، ودخل مروان بن محمد دمشق فنزل في أعاليها وأتي بالغلامين الحكم وعثمان وهما مقتولان وكذلك يوسف بن عمر فدفنوه. وأتي بأبي محمد السفياني وهو في حبوله (2) فسلم على مروان بالخلافة فقال مروان: مه، فقال: إن هذين الغلامين جعلاها لك من بعدهما ثم أنشد قصيدة قالها الحكم في السجن وهي طويلة منها قوله:
ألا من مبلغ مروان عني * وعمي الغمر طال بذا حنينا بأني قد ظلمت وصار قومي * على قتل الوليد متابعينا (3) فإن أهلك أنا وولي عهدي * فمروان أمير المؤمنينا ثم قال أبو محمد السفياني لمروان: ابسط يدك، فكان أول من بايعه بالخلافة، فمعاوية بن يزيد بن حصين بن نمير ثم بايعه رؤوس أهل الشام من أهل دمشق وحمص وغيرهم، ثم قال لهم مروان: اختاروا أمراء نوليهم عليكم، فاختار أهل كل بلد أميرا فولاه عليهم، فعلى دمشق زامل بن عمرو الجبراني، وعلى حمص عبد الله بن شجرة الكندي، وعلى الأردن الوليد بن معاوية بن مروان، وعلى فلسطين ثابت بن نعيم الجذامي. ولما استوت الشام لمروان بن محمد رجع إلى حران وعند ذلك طلب منه إبراهيم بن الوليد الذي كان خليفة وابن عمه سلميان بن هشام الأمان فأمنهما، وقدم عليه سليمان بن هشام في أهل تدمر فبايعوه، ثم لما استقر مروان في حران أقام فيها ثلاثة أشهر فانتقض عليه ما كان انبرم له من مبايعة أهل الشام، فنقض أهل حمص وغيرهم، فأرسل إلى أهل حمص جيشا فوافوهم ليلة عيد الفطر من هذه السنة، وقدم مروان إليها بعد الفطر بيومين، فنازلها مروان في جنود كثيرة، ومعه يومئذ إبراهيم بن الوليد المخلوع، وسليمان بن هشام، وهما عنده مكرمان خصيصان لا