وقال أبو بكر بن أبي خيثمة: حدثنا محمد بن يزيد الرفاعي سمعت أبا بكر بن عياش قال:
رأيت خالدا القسري حين أتي بالمغيرة وأصحابه، وقد وضع له سرير في المسجد، فجلس عليه ثم أمر برجل من أصحابه فضربت عنقه ثم قال للمغيرة: أحيه - وكان المغيرة يزعم أنه يحيي الموتى - فقال:
والله أصلحك الله ما أحيي الموتى. قال: لتحيينه أو لأضربن عنقك. قال: والله ما أقدر على ذلك. ثم أمر بطن قصب فأضرموا فيه نارا ثم قال للمغيرة: اعتنقه، فأبى، فعدا رجل من أصحابه فاعتنقه، قال أبو بكر: فرأيت النار تأكله وهو يشير بالسبابة. قال خالد: هذا والله أحق بالرياسة منك. ثم قتله وقتل أصحابه. وقال المدائني: أتي خالد بن عبد الله برجل تنبأ بالكوفة فقيل له ما علامة نبوتك؟ قال:
قد نزل علي قرآن، قال: إنا أعطيناك الكماهر، فصل لربك ولا تجاهر. ولا تطع كل كافر وفاجر. فأمر به فصلب فقال وهو يصلب: إنا أعطيناك العمود، فصل لربك على عود، فأنا ضامن لك ألا تعود.
وقال المبرد: أتي خالد بشاب قد وجد في دار قوم وادعى عليه السرقة، فسأله فاعترف فأمر بقطع يده فتقدمت حسناء فقالت:
أخالد قد أوطأت والله عثرة * وما العاشق المسكين فينا بسارق أقر بما لم يجنه غير أنه * رأى القطع أولى من فضيحة عاشق فأمر خالد بإحضار أبيها فزوجها من ذلك الغلام وأمهرها عنه عشرة آلاف درهم. وقال الأصمعي: دخل أعرابي على خالد فقال: إني قد مدحتك ببيتين ولست أنشدهما إلا بعشرة آلاف وخادم، فقال: نعم! فأنشأ يقول:
لزمت نعم حتى كأنك لم تكن * سمعت من الأشياء شيئا سوى نعم وأنكرت لا حتى كأنك لم تكن * سمعت بها في سالف الدهر والأمم قال: فأمر له بعشرة آلاف درهم وخادم يحملها. قال: ودخل عليه أعرابي فقال له: سل حاجتك فقال: مائة ألف. فقال: أكثرت حط منها. قال: أضع تسعين ألفا، فتعجب منه خالد فقال: أيها الأمير سألتك على قدرك ووضعت على قدري، فقال له: لن تغلبني أبدا، وأمر له بمائة ألف، قال: ودخل عليه أعرابي، فقال: إني قد قلت فيك شعرا وأنا أستصغره فيك، فقال: قل فأنشأ يقول:
تعرضت لي بالجود حتى نعشتني * وأعطيتني حتى ظننتك (1) تلعب فأنت الندى وابن الندى وأخو الندى * حليف الندى ما للندى عنك مذهب فقال: سل حاجتك. قال: علي خمسون ألف دينار، فقال: قد أمرت لك بها وأضعفتها لك،