الأمين واستقام حاله حسده أخوه المأمون ووقع الخلف بينهما على ما سنذكره إن شاء الله تعالى.
اختلاف الأمين والمأمون كان السبب في ذلك أن الرشيد لما وصل إلى أول بلاد خراسان وهب جميع ما فيها من الحواصل والدواب والسلاح لولده المأمون، وجدد له البيعة، وكان الأمين قد بعث بكر بن المعتمر بكتب في خفية ليوصلها إلى الأمراء إذا مات الرشيد، فلما توفي الرشيد نفذت الكتب إلى الأمراء وإلى صالح بن الرشيد، وفيها كتاب إلى المأمون يأمره بالسمع والطاعة (1)، فأخذ صالح البيعة من الناس إلى الأمين، وارتحل الفضل بن الربيع بالجيش إلى بغداد وقد بقي في نفوسهم تحرج من البيعة التي أخذت للمأمون، وكتب إليهم المأمون يدعوهم إلى بيعته فلم يجيبوه، فوقعت الوحشة بين الأخوين، ولكن تحول عامة الجيش إلى الأمين، فعند ذلك كتب المأمون إلى أخيه الأمين بالسمع والطاعة والتعظيم، وبعث إليه من هدايا خراسان وتحفها من الدواب والمسك وغير ذلك، وهو نائبه عليها، وقد أمر الأمين في صبيحة يوم السبت بعد أخذ البيعة يوم الجمعة ببناء ميدانين للصيد، فقال في ذلك بعض الشعراء:
بنى أمين الله ميدانا * وصير الساحة بستانا وكانت الغزلان فيه بانا * يهدى إليه فيه غزلانا وفي شعبان من هذه السنة قدمت زبيدة من الرقة بالخزائن وما كان عندها من التحف والقماش من الرشيد، فتلقاها ولدها الأمين إلى الأنبار ومعه وجوه الناس. وأقر الأمين أخاه المأمون على ما تحت يده من بلاد خراسان والري وغير ذلك، وأقر أخاه القاسم على الجزيرة والثغور (2)، وأقر عمال أبيه على البلاد إلا القليل منهم.
وفيها مات نقفور ملك الروم، قتله البرجان، وكان ملكه تسع (3) سنين، وأقام بعده ولده استبراق شهرين فمات، فملكهم ميخائيل زوج أخت نقفور لعنهم الله. وفيها تواقع هرثمة نائب خراسان ورافع بن الليث فاستجاش رافع بالترك ثم هربوا وبقي رافع وحده فضعف أمره. وحج بالناس نائب الحجاز داود بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي. وفيها توفي: