صار في لون ماء الدردي (1) ففزع الناس لذلك. وفيها أتى المتوكل بيحيى بن عمر بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب من بعض النواحي، وكان قد اجتمع إليه قوم من الشيعة فأمر بضربه فضرب ثماني عشرة مقرعة ثم حبس في المطبق. وحج بالناس محمد بن داود.
قال ابن جرير: وفيها توفي إسحاق بن إبراهيم صاحب الجسر - يعني نائب بغداد - يوم الثلاثاء لسبع بقين من ذي الحجة وجعل ابنه محمد مكانه، وخلع عليه خمس خلع وقلده سيفا. قلت: وقد كان نائبا في العراق من زمن المأمون، وهو من الدعاة تبعا لسادته وكبرائه إلى القول بخلق القرآن الذي قال الله تعالى فيهم (ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيل) [الأحزاب: 67] الآية. وهو الذي كان يمتحن الناس ويرسلهم إلى المأمون. وفيها توفي:
إسحاق بن [إبراهيم بن] (2) ماهان الموصلي النديم الأديب ابن الأديب النادر الشكل في وقته، المجموع من كل فن يعرفه أبناء عصره، في الفقه والحديث والجدل والكلام واللغة والشعر، ولكن اشتهر بالغناء لأنه لم يكن له في الدنيا نظير فيه. قال المعتصم: إن إسحاق إذا غنى يخيل لي أنه قد زيد في ملكي. وقال المأمون: لولا اشتهاره بالغناء لوليته القضاء لما أعلمه من عفته ونزاهته وأمانته. وله شعر حسن وديوان كبير، وكانت عنده كتب كثيرة من كل فن. توفي في هذه السنة وقيل في التي قبلها، وقيل في التي بعدها. وقد ترجمه ابن عساكر ترجمة حافلة وذكر عنه أشياء حسنة وأشعارا رائقة وحكايات مدهشة يطول استقصاؤها.
فمن غريب ذلك أنه غنى يوما يحيى بن خالد بن برمك فوقع له بألف ألف ووقع له ابنه جعفر بمثلها، وابنه الفضل بمثلها، في حكايات طويلة.
وفيها توفي سريج (3) بن يونس. وشيبان بن فروخ (4، وعبيد الله بن عمر القواريري (5). وأبو بكر بن أبي شيبة أحد الاعلام وأئمة الاسلام وصاحب المصنف الذي لم يصنف أحد مثله قط لا قبله ولا بعده.