وقتل من الاسرى ألفي قتيل صبرا، وغنم من الدواب بأدواتها عشرين ألف فرس، وذبح من البقر والغنم مائة ألف رأس. وبيع البرذون بدرهم والبغل بأقل من عشرة دراهم، والدرع بأقل من درهم وعشرون سيفا بدرهم. فقال في ذلك مروان بن أبي حفصة:
أطفت بقسطنطينية الروم مسندا * إليها القنا حتى اكتسى الذل سورها وما رمتها حتى أتتك ملوكها * بجزيتها والحرب تغلي قدورها وحج بالناس صالح بن أبي جعفر المنصور، وفيها توفي سليمان بن المغيرة، وعبد الله بن العلاء بن دبر، وعبد الرحمن بن نائب بن ثوبان. ووهب بن خالد.
ثم دخلت سنة ست وستين ومائة في المحرم منها قدم الرشيد من بلاد الروم فدخل بغداد في أبهة عظيمة ومعه الروم يحملون الجزية من الذهب وغيره. وفيها أخذ المهدي البيعة لولده هارون من بعد موسى الهادي، ولقب بالرشيد.
وفيها سخط المهدي على يعقوب بن داود وكان قد حظي عنده حتى استوزره وارتفعت منزلته في الوزارة حتى فوض إليه جميع أمر الخلافة، وفي ذلك يقول بشار بن برد:
بني أمية هبوا طال نومكم * إن الخليفة يعقوب بن داود ضاعت خلافتكم يا قوم فاطلبوا * خليفة الله بين الخمر (1) والعود فلم تزل السعاة والوشاة بينه وبين الخليفة حتى أخرجوه عليه، وكلما سعوا به إليه دخل إليه فأصلح أمره معه، حتى وقع من أمره ما سأذكره، وهو أنه دخل ذات يوم على المهدي في مجلس عظيم قد فرش بأنواع الفرش وألوان الحرير، وحول ذلك المكان أصحان مزهرة بأنواع الأزاهير، فقال:
يا يعقوب كيف رأيت مجلسنا هذا؟ فقال: يا أمير المؤمنين ما رأيت أحسن منه. فقال: هو لك بما فيه، وهذه الجارية ليتم بها سرورك، ولي إليك حاجة أحب أن تقضيها. قلت: وما هي يا أمير المؤمنين؟
فقال: حتى تقول نعم. فقلت: نعم! وعلى السمع والطاعة. فقال! الله؟ فقلت: ألله. قال:
وحياة رأسي قلت وحياة رأسك. فقال: ضع يدك على رأسي وقل ذلك، ففعلت. فقال: إن ههنا رجلا من العلويين أحب أن تكفينيه، والظاهر أن الحسن بن إبراهيم بن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب. فقلت: نعم، فقال: وعجل علي، ثم أمر بتحويل ما في ذلك المجلس إلى منزلي وأمر لي بمائة ألف درهم وتلك الجارية، فما فرحت بشئ فرحي بها. فلما صارت