من البرامك عودا * له فأكرم بعوده حووا على الشعر طرا * خفيفه ومديده وفيها عزل الرشيد الغظريف بن عطاء عن خراسان وولاها حمزة بن مالك بن الهيثم الخزاعي الملقب بالعروس. وفيها ولى الرشيد جعفر بن يحيى بن خالد نيابة مصر، فاستناب عليها جعفر عمر بن مهران، وكان ردئ الخلق ردئ الشكل زمن الكف أحول، وكان سبب ولايته إياها أن نائبها موسى بن عيسى كان قد عزم على خلع الرشيد. فقال الرشيد: والله لأعزلنه ولأولين عليها أحسن (1) الناس. فاستدعى عمر بن مهران هذا فولاه عليها عن نائبه جعفر بن يحيى البرمكي. فسار إليها على بغل وغلامه أبو درة على بغل آخر، فدخلها كذلك فانتهى إلى مجلس نائبها موسى بن عيسى فجلس في أخريات الناس، فلما انفض الناس أقبل عليه موسى بن عيسى وهو لا يعرف من هو، فقال: ألك حاجة يا شيخ؟ قال: نعم أصلح الله الأمير. ثم دفع الكتب إليه فلما قرأها قال: أنت عمر بن مهران؟ قال: نعم! قال: لعن الله فرعون حين قال: (أليس لي ملك مصر) [الزخرف:
51] ثم سلم إليه العمل وارتحل منها، وأقبل عمر بن مهران على عمله، وكان لا يقبل شيئا من الهدايا إلا ما كان ذهبا أو فضة أو قماشا، ثم يكتب على كل هدية اسم مهديها، ثم يطالب بالخراج ويلح في طلبه عليهم، وكان بعضهم يماطله به، فأقسم لا يماطله أحد إلا فعل به وفعل. فجمع من ذلك شيئا كثيرا، وكان يبعث ما جمعه إلى بغداد، ومن ما طله بعثه إلى بغداد. فتأدب الناس معه. ثم جاءهم القسط الثاني فعجز كثير منهم عن الأداء فجعل يستحضر ما كانوا أدوه إليه من الهدايا، فإن كان نقدا أداه عنهم، وإن كان برا باعه وأداه عنهم، وقال لهم: إني إنما ادخرت هذا لكم إلى وقت حاجتكم. ثم أكمل استخراج جميع الخراج بديار مصر ولم يفعل ذلك أحد قبله، ثم انصرف عنها لأنه كان قد شرط على الرشيد أنه إذا مهد البلاد وجبى الخراج، فذاك إذنه في الانصراف. ولم يكن معه بالديار المصرية جيش ولا غيره سوى مولاه أبو درة وحاجبه، وهو منفذ أموره. وفيها غزا الصائفة عبد الرحمن بن عبد الملك ففتح حصنا. وفيها حجت زبيدة زوجة الرشيد ومعها أخوها، وكان أمير الحج سليمان بن أبي جعفر المنصور عم الرشيد. وفيها توفي:
إبراهيم بن صالح ابن علي بن عبد الله بن عباس، كان أميرا على مصر، توفي في شعبان. وإبراهيم بن هرمة كان شاعرا. وهو إبراهيم بن علي بن سلمة بن عامر بن هرمة أبو إسحاق الفهري المدني، وفد على المنصور في وفد أهل المدينة حين استوفدهم عليه، فجلسوا إلى ستر دون المنصور، يرى الناس من ورائه ولا يرونه، وأبو الخصيب الحاجب واقف يقول: يا أمير المؤمنين هذا فلان الخطيب، فيأمره فيخطب،