عظيم، وعقد له على الجبال، فخرج في ذي القعدة وقرئ كتابه بالفتح يوم التروية، وأنه قهر الخرمية وقتل منهم خلقا كثيرا، وهرب بقيتهم إلى بلاد الروم، وعلى يدي هذا جرت فتنة الإمام أحمد وضرب بين يديه كما سيأتي بسط ذلك في ترجمة أحمد في سنة إحدى وأربعين ومائتين. وفيها توفي من الأعيان:
بشر المريسي وهو بشر بن غياث بن أبي كريمة أبو عبد الرحمن المريسي المتكلم شيخ المعتزلة، وأحد من أضل المأمون، وقد كان هذا الرجل ينظر أولا في شئ من الفقه، وأخذ عن أبي يوسف القاضي، وروى الحديث عنه وعن حماد بن سلمة وسفيان بن عيينة وغيرهم، ثم غلب عليه علم الكلام، وقد نهاه الشافعي عن تعلمه وتعاطيه فلم يقبل منه، وقال الشافعي: لئن يلقى الله العبد بكل ذنب ما عدا الشرك أحب إلي من أن يلقاه بعلم الكلام. وقد اجتمع بشر بالشافعي عندما قدم بغداد. قال ابن خلكان: جدد القول بخلق القرآن وحكي عنه أقوال شنيعة، وكان مرجئيا وإليه تنسب المريسية من المرجئة، وكان يقول: إن السجود للشمس والقمر ليس بكفر، وإنما هو علامة للكفر، وكان يناظر الشافعي وكان لا يحسن النحو، وكان يلحن لحنا فاحشا. ويقال: إن أباه كان يهوديا صباغا بالكوفة، وكان يسكن درب المريسي ببغداد. والمريس عندهم هو الخبز الرقاق يمرس بالسمن والتمر. قال:
ومريس ناحية ببلاد النوبة تهب عليها في الشتاء ريح باردة.
وفيها توفي عبد الله بن يوسف الشيبي (1). وأبو مسهر عبد الاعلى بن مسهر الغساني الدمشقي (2). ويحيى بن عبد الله البابلتي (3).
وأبو محمد عبد الملك بن هشام بن أيوب المعافري راوي السيرة عن زياد بن عبد الله البكائي عن ابن إسحاق مصنفها، وإنما نسبت إليه فيقال سيرة ابن هشام، لأنه هذبها وزاد فيها ونقص منها، وحرر أماكن واستدرك أشياء. وكان إماما في اللغة والنحو، وقد كان مقيما بمصر واجتمع به الشافعي حين وردها، وتناشدا من أشعار العرب شيئا كثيرا.