الله: يا بني اذهب خلفها فاعلم لي من هذه المرأة؟ قال عبد الله: فذهبت وراءها فإذا هي قد دخلت دار بشر، وإذا هي أخته مخة.
وروى الخطيب أيضا عن زبدة قالت: جاء ليلة أخي بشر فدخل برجله في الدار وبقيت الأخرى خارج الدار، فاستمر كذلك ليلته حتى أصبح، فقيل له فيم تفكرت ليلتك؟ فقال: تفكرت في بشر النصراني وبشر اليهودي وبشر المجوسي وفي نفسي لان أسمي بشر، فقلت في نفسي: ما الذي سبق لي من الله حتى خصني بالاسلام من بينهم؟ فتفكرت في فضل الله علي وحمدته أن هداني للاسلام، وجعلني ممن خصه به، وألبسني لباس أحبابه وقد ترجمه ابن عساكر فأطنب وأطيب وأطال من غير ملال، وقد ذكر له أشعارا حسنة، وذكر أنه كان يتمثل بهذه الأبيات:
تعاف القذى في الماء لا تستطيعه * وتكرع من حوض الذنوب فتشرب وتؤثر من أكل الطعام ألذه * ولا تذكر المختار من أين يكسب وترقد يا مسكين فوق نمارق * وفي حشوها نار عليك تلهب فحتى متى لا تستفيق جهالة * وأنت ابن سبعين بدينك تلعب وممن توفي فيها أحمد بن يونس (1)، وإسماعيل بن عمرو البجلي (2)، وسعيد بن منصور صاحب السنن المشهورة التي لا يشاركه فيها إلا القليل، ومحمد بن الصباح الدولابي. وله سنن أيضا. وأبو الوليد الطيالسي (3)، وأبو الهذيل العلاف المتكلم المعتزلي. والله أعلم.
ثم دخلت سنة ثمان وعشرين ومائتين في رمضان منها خلع الواثق على أشناس الأمير، وتوجه وألبسه وشاحين من جوهر وحج بالناس فيها محمد بن داود الأمير. وغلا السعر على الناس في طريق مكة جدا، وأصابهم حر شديد وهم بعرفة، ثم أعقبه برد شديد ومطر عظيم، كل ذلك في ساعة واحدة، ونزل عليهم وهم بمنى مطر لم ير مثله، وسقطت قطعة من الجبل عند جمرة العقبة فقتلت جماعة من الحجاج.
قال ابن جرير: وفيها مات أبو الحسن المدائني أحد أئمة هذا الشأن في منزل إسحاق بن إبراهيم الموصلي. وحبيب بن أوس الطائي أبو تمام الشاعر.