نفسه من الله أربع مرات. ومالك بن أنس الامام، والهقل بن زياد صاحب الأوزاعي، وأبو الأحوص. وكلهم قد ذكرناهم في التكميل.
والامام مالك هو أشهرهم وهو أحد الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب المتبعة، فهو مالك بن أنس بن مالك بن عامر بن أبي عامر بن عمرو بن الحارث بن غيلان بن حشد بن عمرو بن الحارث، وهو ذو أصبح الحميري، أبو عبد الله المدني إمام دار الهجرة في زمانه، روى مالك عن غير واحد من التابعين (1)، وحدث عنه خلق من الأئمة، منهم السفيانان، وشعبة، وابن المبارك، والأوزاعي، وابن مهدي وابن جريج والليث والشافعي والزهري شيخه، ويحيى بن سعيد الأنصاري وهو شيخه، ويحيى بن سعيد القطان، ويحيى بن يحيى الأندلسي، ويحيى بن يحيى النيسابوري. قال البخاري:
أصح الأسانيد مالك عن نافع عن ابن عمر. وقال سفيان بن عيينة: ما كان أشد انتقاده للرجال.
وقال يحيى بن معين: كل من روى عنه مالك فهو ثقة، إلا أبا أمية. وقال غير واحد: هو أثبت أصحاب نافع والزهري. وقال الشافعي: إذا جاء الحديث فمالك النجم. وقال: من أراد الحديث فهو عيال على مالك. ومناقبه كثيرة جدا، وثناء الأئمة عليه أكثر من أن يحصر في هذا المكان. قال أبو مصعب: سمعت مالكا يقول: ما أفتيت حتى شهد لي سبعون أني أهل لذلك. وكان إذا أراد أن يحدث تنظف وتطيب وسرح لحيته ولبس أحسن ثيابه، وكان يلبس حسنا. وكان نقش خاتمه حسبي الله ونعم الوكيل، وكان إذا دخل منزله قال: ما شاء الله لا قوة إلا بالله. وكان منزله مبسوطا بأنواع المفارش.
ومن وقت خروج محمد بن عبد الله بن حسن لزم مالك بيته فلم يكن يأتي أحدا لا لعزاء ولا لهناء، ولا يخرج لجمعة ولا لجماعة، ويقول: ما كل ما يعلم يقال، وليس كل أحد يقدر على الاعتذار ولما احتضر قال: أشهد أن لا إله إلا الله، ثم جعل يقول: لله الامر من قبل ومن بعد، ثم قبض في ليلة أربعة عشر من صفر، وقيل من ربيع الأول من هذه السنة، وله خمس وثمانون سنة. قال الواقدي: بلغ سبعين سنة ودفن بالبقيع. وقد روى الترمذي عن سفيان بن عيينة عن ابن جريج عن أبي الزبير عن أبي صالح عن أبي هريرة: " يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل يطلبون العلم فلا يجدون أحدا أعلم من عالم المدينة ". ثم قال: هذا حديث حسن. وقد روى عن ابن عيينة أنه قال: هو مالك بن أنس. وكذا قال عبد الرزاق. وعن ابن عيينة رواية أنه عبد العزيز بن عبد الله العمري. وقد ترجمه ابن خلكان في الوفيات فأطنب وأتى بفوائد جمة.