ثم دخلت سنة إحدى عشرة ومائتين فيها توفي أبو الجواب (1). وطلق بن غنام (2). وعبد الرزاق بن همام الصنعاني صاحب المصنف والمسند. وعبد الله بن صالح العجلي (3).
أبو العتاهية الشاعر المشهور واسمه إسماعيل بن القاسم بن سويد بن كيسان أصله من الحجاز، وقد كان تعشق جارية للمهدي اسمها عتبة، وقد طلبها منه غير مرة فإذا سمح له بها لم ترده الجارية، وتقول للخليفة:
أتعطيني لرجل دميم الخلق كان يبيع الجرار؟ فكان يكثر التغزل فيها، وشاع أمره واشتهر بها، وكان المهدي يفهم ذلك منه. واتفق في بعض الأحيان أن المهدي استدعى الشعراء إلى مجلسه وكان فيهم أبو العتاهية وبشار بن برد الأعمى، فسمع صوت أبي العتاهية. فقال بشار لجليسه: أثم ههنا أبو العتاهية؟ قال: نعم فانطلق يذكر قصيدته فيها التي أولها:
ألا ما لسيدتي ما لها * أدلت فأجمل إدلالها فقال بشار لجليسه: ما رأيت أجسر من هذا. حتى انتهى أبو العتاهية إلى قوله:
أتته الخلافة منقادة * إليه تجرر أذيالها فلم تك تصلح إلا له * ولم يك يصلح إلا لها ولو رامها أحد غيره * لزلزلت الأرض زلزالها ولو لم تطعه بنات القلوب * لما قبل الله أعمالها فقال بشار لجليسه: انظروا أطار الخليفة عن فراشه أم لا؟ قال: فوالله ما خرج أحد من الشعراء يومئذ بجائزة غيره. قال ابن خلكان: اجتمع أبو العتاهية بأبي نواس - وكان في طبقته وطبقة بشار - فقال أبو العتاهية لأبي نواس: كم تعمل في اليوم من الشعر؟ قال: بيتا أو بيتين. فقال: لكني أعمل المائة والمائتين. فقال أبو نواس: لعلك تعمل مثل قولك:
يا عتب ما لي ولك * يا ليتني لم أرك ولو عملت أنا مثل هذا لعملت الألف والألفين وأنا أعمل مثل قولي: