عمان ففعل، فقاتل الخوارج فكسرهم وقهرهم واستحوذ على ما هنالك من البلاد، وقتل أمير الخوارج الصفرية وهو الجلندي، وقتل من أصحابه وأنصاره نحوا من عشرة آلاف، وبعث برؤوسهم إلى البصرة، فبعث بها نائب البصرة إلى الخليفة. ثم بعد أشهر كتب إليه السفاح أن يرجع فرجع سالما غانما منصورا.
وفيها غزا أبو مسلم بلاد الصفد وغزا أبو داود (1) أحد نواب أبي مسلم بلاد كش، فقتل خلقا كثيرا وغنم من الأواني الصينية المنقوشة بالذهب شيئا كثيرا جدا. وفيها بعث السفاح موسى بن كعب إلى منصور بن جمهور وهو بالهند في اثني عشر ألفا، فالتقاه موسى بن كعب وهو في ثلاثة آلاف فهزمه واستباح عسكره. وفيها مات عامل اليمن محمد بن يزيد بن عبد الله بن عبد الدار (2)، فاستخلف السفاح عليها عمه (3)، وهو خال الخليفة. وفيها تحول السفاح من الحيرة إلى الأنبار. وحج بالناس نائب الكوفة عيسى بن موسى، ونواب الأقاليم هم هم. وفيها توفي من الأعيان أبو هارون العبدي، وعمارة بن جوين، ويزيد بن يزيد بن جابر الدمشقي والله أعلم.
ثم دخلت سنة خمس وثلاثين ومائة فيها خرج زياد بن صالح من وراء نهر بلخ على أبي مسلم فأظفره الله بهم فبدد شملهم واستقر أمره بتلك النواحي. وحج بالناس فيها سليمان بن علي نائب البصرة. والنواب هم المذكورون قبلها.
وممن توفي فيها من الأعيان: يزيد بن سنان، وأبو عقيل زهرة بن معبد، وعطاء الخراساني.
ثم دخلت سنة ست وثلاثين ومائة فيها قدم أبو مسلم من خراسان على السفاح، وذلك بعد استئذانه الخليفة في القدوم عليه، فكتب إليه أن يقدم في خمسمائة من الجند، فكتب إليه: إني قد وترت الناس، وإني أخشى من قلة الخمسمائة. فكبت إليه أن يقدم في ألف، فقدم في ثمانية آلاف، فرقهم وأخذ معه من الأموال والتحف والهدايا شيئا كثيرا. ولما قدم لم يكن معه سوى ألف من الجند، فتلقاه القواد والامراء إلى مسافة بعيدة. ولما دخل على السفاح أكرمه وعظمه واحترمه وأنزله قريبا منه، وكان يأتي إلى الخلافة كل يوم، واستأذن الخليفة في الحج فأذن له، وقال: لولا أني عينت الحج لأخي أبي جعفر لامرتك على الحج. وكان الذي بين أبي جعفر وأبي مسلم خرابا (4) وكان يبغضه، وذلك لما رأى ما هو فيه من الحرمة