ثم دخلت سنة تسع وسبعين ومائة فيها كان قدوم الفضل بن يحيى من خراسان وقد استخلف عليها عمر بن جميل (1)، فولى الرشيد عليها منصور بن يزيد بن منصور الحميري. وفيها عزل الرشيد (2) خالد بن برمك عن الحجوبة وردها إلى الفضل بن الربيع. وفيها خرج بخراسان حمزة بن أترك السجستاني، وكان من أمره ما سيأتي طرف منه. وفيها رجع الوليد بن طريف الشاري إلى الجزيرة واشتدت شوكته وكثر أتباعه، فبعث إليه الرشيد يزيد بن مزيد الشيباني فراوغه حتى قتله وتفرق أصحابه، فقالت الفارعة في أخيها الوليد بن طريف ترثيه:
أيا شجر الخابور ما لك مورقا * كأنك لم تجزع على ابن طريف فتى لا يحب الزاد الا من التقى * ولا المال إلا من قنا وسيوف وفيها خرج الرشيد معتمرا من بغداد شكرا لله عز وجل، فلما قضى عمرته أقام بالمدينة حتى حج بالناس في هذه السنة، فمشى من مكة إلى منى ثم إلى عرفات، وشهد المشاهد والمشاعر كلها ماشيا، ثم انصرف إلى بغداد على طريق البصرة. وفيها توفي:
إسماعيل بن محمد ابن يزيد بن ربيعة أبو هاشم الحميري الملقب بالسيد، كان من الشعراء المشهورين المبرزين فيه، ولكنه كان رافضيا خبيثا، وشيعيا غثيثا، وكان ممن يشرب الخمر ويقول بالرجعة - أي بالدور - قال يوما لرجل: أقرضني دينارا ولك عندي مائة دينار إذا رجعنا إلى الدنيا. فقال له الرجل: إني أخشى أن تعود كلبا أو خنزيرا فيذهب ديناري.
وكان قبحه الله يسب الصحابة في شعره. قال الأصمعي: ولولا ذلك ما قدمت عليه أحدا في طبقته، ولا سيما الشيخين وابنيهما. وقد أورد ابن الجوزي شيئا من شعره في ذلك كرهت أن أذكره لبشاعته وشناعته، وقد اسود وجهه عند الموت وأصابه كرب شديد جدا. ولما مات لم يدفنوه لسبه الصحابة رضي الله عنهم. وفيها توفي:
حماد بن زيد أحد أئمة الحديث. وخالد بن عبد الله أحد الصلحاء، كان من سادات المسلمين، اشترى