إسماعيل بن علية وهو من أئمة العلماء والمحدثين الرفعاء، روى عنه الشافعي وأحمد بن حنبل، وقد ولي المظالم ببغداد، وكان ناظر الصدقات بالبصرة، وكان ثقة نبيلا جليلا كبيرا، وكان قليل التبسم وكان يتجر في البز وينفق على عياله منه ويحج منه، ويبر أصحابه منه مثل السفيانين وغيرهما، وقد ولاه الرشيد القضاء فلما بلغ ابن المبارك أنه تولى القضاء كتب إليه يلومه نظما ونثرا، فاستعفي ابن علية من القضاء فأعفاه. وكانت وفاته في ذي القعدة من هذه السنة، ودفن في مقابر عبد الله بن مالك وفيها مات:
محمد بن جعفر الملقب بغندر. روى عن شعبة وسعيد بن أبي عروبة وعن خلق كثير، وعنه جماعة منهم أحمد بن حنبل، وكان ثقة جليلا حافظا متقنا. وقد ذكر عنه حكايات تدل على تغفيله في أمور الدنيا، كانت وفاته بالبصرة في هذه السنة، وقيل في التي قبلها، وقيل في التي بعدها. وقد لقب بهذا اللقب جماعة من المتقدمين والمتأخرين. وفيها توفي:
أبو بكر بن العياش أحد الأئمة، سمع أبا إسحاق السبيعي والأعمش وهشام وهمام بن عروة وجماعة. وحدث عنه خلق منهم أحمد بن حنبل. وقال يزيد بن هارون: كان حبرا فاضلا لم يضع جنبه إلى الأرض أربعين سنة، قالوا: ومكث ستين سنة يختم القرآن في كل يوم ختمة كاملة، وصام ثمانين رمضانا، وتوفي وله ست وتسعون سنة. ولما احتضر بكى عليه ابنه فقال: يا بني علام تبكي؟ والله ما أتى أبوك فاحشة قط.
ثم دخلت سنة أربع وتسعين ومائة فيها خلع أهل حمص نائبهم فعزله عنهم الأمين وولى عليهم عبد الله بن سعيد الحرشي فقتل طائفة من وجوه أهلها وحرق نواحيها، فسألوه الأمان فأمنهم ثم هاجوا فضرب أعناق كثير منهم أيضا.
وفيها عزل الأمين أخاه القاسم عن الجزيرة والثغور، وولى على ذلك خزيمة بن خازم، وأمر أخاه بالمقام عنده ببغداد (1). وفيها أمر الأمين بالدعاء لولده موسى على المنابر في سائر الأمصار، وبالأمرة من بعده، وسماه الناطق بالحق، ثم يدعى من بعده لأخيه المأمون ثم لأخيه القاسم، وكان من نية الأمين الوفاء لأخويه بما شرط لهما، فلم يزل به الفضل بن الربيع حتى غير نيته في أخويه، وحسن له خلع المأمون