بصلب الحارث بلا رأس على باب مرو، ولما بلغ نصر بن سيار مقتل الحارث قال في ذلك:
يا مدخل الذل على قومه * بعدا وسحقا لك من هالك شؤمك أردى مضرا كلها * وغض من قومك بالحارك ما كانت الأزد وأشياعها * تطمع في عمرو ولا مالك ولا بني سعد إذ ألجموا * كل طمر لونه حالك وقد أجابه عباد (1) بن الحارث بن سريج فيما قال:
ألا يا نصر قد برح الخفاء * وقد طال التمني والرجاء وأصبحت المزون بأرض مرو * تقضي في الحكومة ما تشاء يجوز قضاؤها في كل حكم * على مضر وإن جار القضاء وحمير في مجالسها قعود * ترقرق في رقابهم الدماء فإن مضر بذا رضيت وذلت * فطال لها المذلة والشقاء وإن هي أعتبت فيها وإلا * فحل على عساكرها العفاء وفي هذه السنة بعث إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس أبا مسلم الخراساني إلى خراسان وكتب معه كتبا إلى شيعتهم بها: إن هذا أبا مسلم فاسمعوا له وأطيعوا، وقد وليته على ما غلب عليه من أرض خراسان. فلما تقدم أبو مسلم خراسان وقرأ على أصحابه هذا الكتاب، لم يلتفتوا إليه ولم يعملوا به وأعرضوا عنه ونبذوه وراء ظهورهم، فرجع إلى إبراهيم بن محمد أيام الموسم، فاشتكاهم إليه وأخبره بما قابلوه من المخالفة، فقال له: يا عبد الرحمن! إنك رجل منا أهل البيت، إرجع إليهم وعليك بهذا الحي من اليمن فأكرمهم وانزل بين أظهرهم فإن الله لا يتمم هذا الامر إلا بهم. ثم حذره من بقية الاحياء (2) وقال له: إن استطعت أن لا تدع بتلك البلاد لسانا عربيا فافعل، ومن بلغ من أبنائهم خمسة أشبار واتهمته فاقتله، وعليك بذاك الشيخ فلا تقصه - يعني سليمان بن كثير - وسيأتي ما كان من أمر أبي مسلم الخراساني فيما بعد إن شاء الله تعالى.
وفي هذه السنة قتل الضحاك بن قيس الخارجي في قول أبي مخنف، وكان سبب ذلك أن الضحاك حاصر عبد الله بن عمر بن عبد العزيز بواسط ووافقه على محاصرته منصور بن جمهور، فكتب عبد الله بن عمر بن عبد العزيز إليه: إنه لا فائدة لك في محاصرتي ولكن عليك بمروان بن محمد فسر إليه، فان