وحرق ما حوله من العلف والطعام، ومضى صالح في طلبه. فالتقى بخيل لمروان فهزمهم، ثم جعل كلما التقوا مع خيل لمروان يهزمونهم حتى سألوا بعض من أسروا عن مروان فدلهم عليه، وإذا به في كنيسة أبو صير، فوافوه من آخر الليل فانهزم من معه من الجند وخرج إليهم مروان في نفر يسر معه فأحاطوا به حتى قتلوه، طعنه رجل من أهل البصرة يقال له معود (1)، ولا يعرفه حتى قال رجل صرع أمير المؤمنين، فابتدره رجل من أهل الكوفة كان يبيع الرمان فاحتز رأسه، فبعث به عامر بن إسماعيل أمير هذه السرية إلى أبي عون، فبعث به أبو عون إلى صالح بن علي، فبعث به صالح مع رجل يقال له خزيمة بن يزيد بن هانئ كان على شرطته، لأمير المؤمنين السفاح.
وكان مقتل مروان يوم الأحد لثلاث بقين من ذي الحجة، وقيل يوم الخميس لست مضين منها سنة ثنتين وثلاثين ومائة، وكانت خلافته خمس سنين وعشرة أشهر وعشرة أيام على المشهور، واختلفوا في سنه فقيل أربعون سنة، وقيل ست وقيل ثمان وخمسون سنة، وقيل ستون وقيل اثنتان وقيل ثلاث وقيل تسع وستون سنة، وقيل ثمانون فالله أعلم.
ثم إن صالح بن علي سار إلى الشام واستخلف على مصر أبا عون بن أبي يزيد والله سبحانه أعلم.
وهذا شئ من ترجمة مروان الحمار وهو مروان بن محمد بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية، القرشي الأموي، أبو عبد الملك أمير المؤمنين آخر خلفاء بني أمية، وأمه أمة كردية يقال لها لبابة (2)، وكانت لإبراهيم بن الأشتر النخعي، أخذها محمد بن مروان يوم قتله فاستولدها مروان هذا، ويقال إنها كانت أولا لمصعب بن الزبير، وقد كانت دار مروان هذا في سوق الأكافين، قاله ابن عساكر. بويع له بالخلافة بعد قتل الوليد بن يزيد، وبعد موت يزيد بن الوليد، ثم قدم دمشق وخلع إبراهيم بن الوليد، واستمر له الامر في نصف صفر سنة سبع وعشرين ومائة. وقال أبو معشر: بويع له بالخلافة في ربيع الأول سنة تسع وعشرين ومائة، وكان يقال له مروان الجعدي، نسبة إلى رأي الجعد بن درهم، وتلقب بالحمار (3)، وهو آخر من ملك من بني أمية، وكانت خلافته خمس سنين وعشرة أشهر وعشرة أيام، وقيل خمس سنين وشهرا، وبقي بعد أن بويع للسفاح تسعة أشهر، وكان أبيض مشربا حمرة، أزرق العينين، كبير