وسعيد بن مسعدة أبو الحسن الأخفش الأوسط البلخي ثم البصري النحوي، أخذ النحو عن سيبويه وصنف كتبا كثيرة منها كتاب في معاني القرآن، وكتاب الأوسط في النحو وغير ذلك، وله كتاب في العروض زاد فيه بحر الخبب على الخليل، وسمي الأخفش لصغر عينيه وضعف بصره، وكان أيضا أدلغ، وهو الذي لا يضم شفتيه على أسنانه، كان أولا يقال له الأخفش الصغير بالنسبة إلى الأخفش الكبير، أبي الخطاب عبد الحميد بن عبد المجيد الهجري، شيخ سيبويه وأبي عبيدة، فلما ظهر علي بن سليمان ولقب بالأخفش أيضا صار سعيد بن مسعدة هو الأوسط، والهجري الأكبر، وعلي بن سليمان الأصغر.
وكانت وفاته في هذه السنة، وقيل سنة إحدى وعشرين ومائتين.
الجرمي النحوي وهو صالح بن إسحاق البصري، قدم بغداد وناظر بها الفراء، وكان قد أخذ النحو عن أبي عبيدة وأبي زيد والأصمعي وصنف كتبا منها الفرخ - يعني فرخ كتاب سيبويه - وكان فقيها فاضلا نحويا بارعا عالما باللغة حافظا لها، دينا ورعا حسن المذهب، صحيح الاعتقاد وروى الحديث. ذكره ابن خلكان وروى عنه المبرد، وذكره أبو نعيم في تاريخ أصبهان.
ثم دخلت سنة ست وعشرين ومائتين في شعبان منها توفي الأفشين في الحبس فأمر به المعتصم فصلب ثم أحرق وذري رماده في دجلة واحتيط على أمواله وحواصله فوجدوا فيها أصناما مكللة بذهب وجواهر، وكتبا في فضل دين المجوس وأشياء كثيرة كان يتهم بها، تدل على كفره وزندقته، وتحقق بسببها ما ذكر عنه من الانتماء إلى دين آبائه المجوس. وحج بالناس فيها محمد بن داود.
وفيها توفي إسحاق الفروي، وإسماعيل بن أبي أويس (1)، ومحمد بن داود صاحب التفسير، وغسان بن الربيع (2)، ويحيى بن يحيى التميمي شيخ مسلم بن الحجاج، ومحمد بن عبد الله بن طاهر بن الحسين.