فأعطاه مائة ألف. قال أبو الطيب محمد بن إسحاق بن يحيى الوساي: دخل أعرابي على خالد القسري، فأنشده:
كتبت نعم بيابك فهي تدعو * إليك الناس مسفرة النقاب وقلت للا عليك بباب غيري * فإنك لن ترى أبدا ببابي قال فأعطاه على كل بيت خمسين ألفا. وقد قال فيه ابن معين: كان رجل سوء يقع في علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وذكر الأصمعي عن أبيه: أن خالدا (1) حفر بئرا بمكة ادعى فضلها على زمزم، وله في رواية عنه تفضيل الخليفة على الرسول (2)، وهذا كفر إلا أن يريد بكلامه غير ما يبدو منه والله أعلم.
والذي يظهر أن هذا لا يصح عنه، فإنه كان قائما في إطفاء الضلال والبدع كما قدمنا من قتله للجعد بن درهم وغيره من أهل الالحاد، وقد نسب إليه صاحب العقد أشياء لا تصح، لان صاحب العقد كان فيه تشيع شنيع ومغالاة في أهل البيت، وربما لا يفهم أحد من كلامه ما فيه من التشيع، وقد اغتر به شيخنا الذهبي فمدحه بالحفظ وغيره.
وقد ذكر ابن جرير وابن عساكر وغيرهما: أن الوليد بن يزيد كان قد عزم على الحج في إمارته فمن نيته أن يشرب الخمر على ظهر الكعبة، فلما بلغ ذلك جماعة من الأمراء اجتمعوا على قتله وتولية غيره من الجماعة، فحذر خالد أمير المؤمنين منهم، فسأله أن يسميهم فأبى عليه فعاقبه عقابا شديدا، ثم بعث به إلى يوسف بن عمر فعاقبه حتى مات شر قتلة وأسوأها، وذلك في محرم من هذه السنة - أعني سنة ست وعشرين ومائة - وذكر القاضي ابن خلكان في الوفيات وقال: كان متهما في دينه، وقد بنى لامه كنيسة في داره، قال فيه بعض الشعراء وقال صاحب الأعيان كان في نسبه يهود فانتموا إلى القرب، وكان يقرب [من] شق وسطيح. قال القاضي ابن خلكان: وقد كانا ابني خالة، وعاش كل منهما ستمائة، وولدا في يوم واحد، وذلك يوم ماتت طريفة بنت الحر بعدما تفلت في فم كل منهما وقالت: إنه سيقوم مقامي في الكهانة، ثم ماتت من يومها.
وممن توفي في هذه السنة جبلة بن سحيم ودراج أبو السمح وسعيد بن مسروق في قول، وسليمان بن حبيب المحاربي، قاضي دمشق، وعبد الرحمن بن قاسم شيخ مالك وعبيد الله بن أبي يزيد وعمرو بن دينار. وقد ذكرنا تراجمهم في كتابنا التكميل.