لك الفضل يا فضل بن يحيى بن خالد * وما كل من يدعى بفضل له فضل رأى الله فضلا منك في الناس واسعا * فسماك فضلا فالتقى الاسم والفعل وقد كان الفضل أكبر رتبة عند الرشيد من جعفر، وكان جعفر أحظى عند الرشيد منه وأخص.
وقد ولي الفضل أعمالا كبارا، منها نيابة خراسان وغيرها. ولما قتل الرشيد البرامكة وحبسهم جلد الفضل هذا مائة سوط وخلده في الحبس حتى مات في هذه السنة، قبل الرشيد بشهور خمسة في الرقة وصلى عليه بالقصر الذي مات فيه أصحابه، ثم أخرجت جنازته فصلى عليها الناس، ودفن هناك وله خمس وأربعون سنة، وكان سبب موته ثقل أصابه في لسانه اشتد به يوم الخميس ويوم الجمعة، وتوفي قبل أذان الغداة من يوم السبت. قال ابن جرير: وذلك في المحرم من سنة ثلاث وتسعين مائة، وقال ابن الجوزي: في سنة ثنتين وتسعين فالله أعلم.
وقد أطال بن خلكان ترجمته وذكر طرفا صالحا من محاسنه ومكارمه، من ذلك أنه ورد بلخ حين كان نائبا على خراسان، وكان بها بيت النار التي كانت تعبدها المجوس، وقد كان جده برمك من خدامها، فهدم بعضه ولم يتمكن من هدمه كله، لقوة إحكامه، وبنى مكانه مسجدا لله تعالى. وذكر أنه كان يتمثل في السجن بهذه الأبيات ويبكي:
إلى الله فيما نالنا نرفع الشكوى * ففي يده كشف المضرة والبلوى خرجنا من الدنيا ونحن من أهلها * فلا نحن في الأموات فيها ولا الاحيا إذا جاءنا السجان يوما لجاجة * عجبنا وقلنا: جاء هذا من الدنيا (1) ومحمد بن أمية الشاعر الكاتب، وهو من بيت كلهم شعراء، وقد اختلط أشعار بعضهم في بعض.
ومنصور بن الزبرقان ابن سلمة أبو الفضل النميري الشاعر، امتدح الرشيد، وأصله من الجزيرة وأقام ببغداد ويقال لجده مطعم الكبش الرخم، وذلك أنه أضاف يوما فجعلت الرخم تحوم حولهم، فأمر بكبش يذبح للرخم حتى لا يتأذى بها ضيفانه، ففعل له ذلك. فقال الشاعر فيه:
أبوك زعيم بني قاسط * وخالك ذو الكبش يغذي الرخم وله أشعار حسنة، وكان يروي عن كلثوم بن عمرو، وكان شيخه الذي أخذ عنه الغناء.