الملقب بوجه الفلس، فلما انتهوا إليه بشروه بقتل الوليد وسلموا عليه بالخلافة، فأطلق لكل رجل من العشرة عشرة آلاف، فقال له روح بن بشر بن مقبل: أبشر يا أمير المؤمنين بقتل الوليد الفاسق، فسجد شكرا لله ورجعت الجيوش إلى يزيد، فكان أول من أخذ يده للمبايعة يزيد بن عنبسة السكسكي فانتزع يده من يده وقال: اللهم إن كان هذا رضى لك فأعني عليه، وكان قد جعل لمن جاءه برأس الوليد مائة ألف درهم، فلما جئ به - وكان ذلك ليلة الجمعة وقيل يوم الأربعاء - لليلتين بقيتا من جمادى الآخرة سنة ست وعشرين ومائة. فأمر يزيد بنصب رأسه على رمح وأن يطاف به في البلد، فقيل له إنما ينصب رأس الخارجي، فقال: والله لأنصبنه، فشهره في البلد على رمح ثم أودعه عند رجل شهرا ثم بعث به إلى أخيه سليمان بن يزيد، فقال أخوه بعدا له: أشهد أنك كنت شروبا للخمر ماجنا فاسقا ولقد أرادني على نفسي هذا الفاسق وأنا أخوه، لم يأنف من ذلك. وقد قيل إن رأسه لم يزل معلقا بحائط جامع دمشق الشرقي مما يلي الصحن حتى انقضت دولة بني أمية، وقيل إنما كان ذلك أثر دمه، وكان عمره يوم قتل ستا وثلاثين سنة، وقيل ثمانيا وثلاثين، وقيل إحدى وثلاثين، وقيل ثنتان وقيل خمس، وقيل ست وأربعون سنة. ومدة ولايته سنة وستة أشهر على الأشهر، وقيل ثلاثة أشهر. قال ابن جرير: كان شديد البطش طويل أصابع الرجلين، كانت تضرب له سكة الحديد في الأرض ويربط فيها خيط إلى رجله ثم يثب على الفرس فيركبها ولا يمس الفرس، فتنقلع تلك السكة من الأرض مع وثبته.
خلافة يزيد بن الوليد بن عبد الملك بن مروان وهو الملقب بالناقص لنقصه الناس من أعطياتهم ما كان زاده الوليد بن يزيد في أعطياتهم، وهي عشرة عشرة، ورده إياهم إلى ما كانوا عليه في زمن هشام (1)، ويقال إن أول من لقبه بذلك مروان بن محمد، بويع له بالخلافة بعد مقتل الوليد بن يزيد، وذلك ليلة الجمعة لليلتين بقيتا من جمادى الآخرة من هذه السنة - حتى سنة ست وعشرين ومائة - وكان فيه صلاح وورع قبل ذلك، فأول ما عمل انتقاصه من أرزاق الجند ما كان الوليد زادهم، وذلك في كل سنة عشرة عشرة، فسمي الناقص لذلك، ويقال في المثل الأشج والناقص أعدلا خلفاء بني مروان - يعني عمر بن عبد العزيز وهذا - ولكن لم تطل أيامه، فإنه توفي من آخر هذه السنة، واضطربت عليه الأمور، وانتشرت الفتن واختلفت كلمة بني مروان فنهض سليمان بن هشام، وكان معتقلا في سجن الوليد بعمان فاستحوز على أموالها وحواصلها، وأقبل إلى دمشق فجعل يلعن الوليد ويعيبه ويرميه بالكفر، فأكرمه يزيد ورد عليه أمواله التي كان أخذها من الوليد، وتزوج يزيد أخت سليمان، وهي أم هشام بنت هشام، ونهض أهل