كأنك قد وضعت عليه دنا * فتحت بزاله من فرد عين هما فأل الزمان بهلك يحيى * إذ افتتح القضاء بأعورين وغزا الصائفة في هذه السنة علي بن يحيى الأرمني. وحج بالناس علي بن عيسى بن جعفر بن أبي جعفر المنصور أمير الحجاز. وفيها توفي حاتم الأصم (1). وممن توفي فيها عبد الاعلى بن حماد (2). وعبيد الله بن معاذ العنبري (3) وأبو كامل الفضيل بن الحسن (4) الجحدري.
ثم دخلت سنة ثمان وثلاثين ومائتين في ربيع الأول منها حاصر بغا مدينة تفليس وعلى مقدمته زيرك التركي، فخرج إليه صاحب تفليس إسحاق بن إسماعيل فقاتله فأسر بغا إسحاق فأمر بغا بضرب عنقه وصلبه، وأمر بإلقاء النار في النفط إلى نحو المدينة، وكان أكثر بنائها من خشب الصنوبر، فأحرق أكثرها وأحرق من أهلها نحوا من خمسين ألفا، وطفئت النار بعد يومين، لان نار الصنوبر لا بقاء لها. ودخل الجند فأسروا من بقي من أهلها واستلبوهم حتى استلبوا المواشي. ثم سار بغا إلى مدن أخرى ممن كان يمالئ أهلها مع من قتل نائب أرمينية يوسف بن محمد بن يوسف، فأخذ بثأره وعاقب من تجرأ عليه.
وفيها جاءت الفرنج في نحو من ثلاثمائة مركب قاصدين مصر من جهة دمياط، فدخلوها فجأة فقتلوا من أهلها خلقا وحرقوا المسجد الجامع والمنبر، وأسروا من النساء نحوا من ستمائة امرأة، من المسلمات مائة وخمسة وعشرين امرأة، وسائرهن من النساء القبط، وأخذوا من الأمتعة والمال والأسلحة شيئا كثيرا جدا، وفر الناس منهم في كل جهة، وكان من غرق في بحيرة تنيس أكثر ممن أسروه، ثم رجعوا على حمية ولم يعرض لهم أحد حتى رجعوا بلادهم لعنهم الله. وفي هذه السنة غزا الصائفة علي بن يحيى الأرمني. وفيها حج بالناس الأمير الذي حج بهم قبلها.
وفيها توفي إسحاق بن راهويه أحد الاعلام وعلماء الاسلام، والمجتهدين من الأنام. وبشر بن الوليد الفقيه الحنفي. وطالوت بن عباد (5). ومحمد بن بكار بن الريان (6). ومحمد بن البرجاني (7).